كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)
* قد مضى معنى (العوذ) وأنه في لغة العرب: العظم، وكأن المستعيذ بالله يتحصن من وجوه السوء، يحصن المخ في داخل العظم، فلما عظم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نزل من هذه الآية عرف أن هذا حيث نزل به القرآن عليه لا يعيذ منه إلا أجل الأشياء وهو وجه خالقها سبحانه، فقال: (أعوذ بوجهك) فهذه أفضى غايات العوذ لكل مستعيذ.
* فأما قوله: (هاتان أهون) فإنه يشعر بهذا أن هذه العوذة لا ينبغي أن تبذل في كل ما صح احتمال، ولكن إنما يستعاذ بها عند تفاقم الأمر.
* وأما قوله: (من فوقكم) فيجوز أن يكون المكان ويجوز أن يكون المراد به القدرة.
* وقوله: (أعوذ بوجهك) هو على معنى: بعفوك من عقوبتك، إلى أن قال: (أعوذ بك منك)، إلا أن فيه إشارة إلى أن الآفات والمخاوف وكل شيء يحذر إذا كان العائذ منه وجه الله سبحانه وتعالى، تقاصرت المخوفات كلها عن أن تدنوا أو تقارب أو تكون موجودة عند جلاله وعظمته، فإذا قال المستعيذ: أعوذ بوجهك فقد استجاش بما لا تثبت له مخلوقات، فإنه سبحانه لما تجلى للجبل جعله دكا.
* وفي قوله: (أو من تحت (124/ب) أرجلكم) معنيان:
أحدهما: من تحت الأرض، والثاني: من التحوت أي يأتيكم العذاب
الصفحة 333
404