كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

أن والدي استشهد يوم أحد وترك دينا كثيرا، وأحب أن يراك الغرماء، قال: (اذهب فبيدر كل تمر على ناحية) ففعلت، ثم دعوته، فلما رأوه أغروا بي تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون طاف حول أعظمها بيدرا ثلاث مرات، ثم جلس عليه، ثم قال: (ادع أصحابك)، فما زال الكيل لهم، حتى أدى الله أمانة والدي، وأنا والله راض أن يؤدي الله (126/أ) أمانة والدي ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة، فسلم الله البيادر كلها، حتى إني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه لم ينقص منه تمرة واحدة).
وفي رواية: (أن أباه توفي وعليه دين، قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن أبي ترك عليه دينا، وليس عندي إلا ما يخرج نخله؛ ولا يبلغ ما يخرج سنتين ما عليه، فانطلق معي لكي لا يفحش علي الغرماء، فمشى حول بيدر من بيادر التمر، فدعا، ثم أخر، ثم جلس عليه، ثم قال: تمزعوه، فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل ما أعطاهم).
وفي رواية: (أن أباه قتل يوم أحد شهيدا، فاشتد الغرماء في حقوقهم، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلمته، فسألهم أن يقبلوا ثمر حائطي، ويحللوا أبي، فأبوا، فلم يعطهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حائطي، ولم يكسره لهم، ولكن قال: سأغدو عليك، فغدا علينا حين أصبح، وطاف في النخل، ودعا في تمرها بالبركة، فجددتها فقضيتهم حقوقهم، وبقي لنا من تمرنا بقية، ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر وهو جالس: اسمع يا عمر، فقال عمر: ألا يكون قد علمنا انك لرسول الله، والله إنك لرسول الله)].

الصفحة 337