كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

الملائكة من قوله عز وجل: {حافين من حول العرش} فكأن الملائكة قربت منهم قربا لم تترك بينهم وبينهم فرجة تتسع للشيطان.
(وغشيتهم الرحمة): في لغة العرب لا تستعمل إلا في شيء يشمل المغشي من جميع أجزائه وجوانبه، والمعنى في هذا فيما أرى أن غشيان الرحمة لهم يكون بحيث يستوعب كل ذنب تقدمه إن شاء الله.
وأما قوله: (ونزلت عليهم السكينة) والسكينة: فعليه من السكون، يقتضي المبالغة، وذلك أن أهل ذكر الله على عقيب غشيان الرحمة لهم في ذكرهم لربهم، تنزل عليهم السكينة من الله، فلا ينزعجون لمخيف من دنيا؛ لعلمهم أنه لا يكون إلا تحت قدرة مذكورهم؛ فسكنوا واطمأنت نفوسهم بموعود الآخرة، استدلالا على حصوله بتوفيق ربهم بأن جعل ذكره شعارهم وشغلهم.
وقوله: (وذكرهم الله فيمن عنده) فإن قوله - صلى الله عليه وسلم - (18/أ) وذكرهم الله فيمن عنده يقتضي أن يكون ذكر الله لهم في الأنبياء وكرام الملائكة بأن يذكرهم جل جلاله، ويجوز أن يكون معناه وذكرهم الله أي أثبتهم الله فيمن عنده؛ كما يقول الإنسان لأخيه اذكرني في كتابك.
وأما التنفيس: فإنه إنما ينصرف في العادة إلى الجزء اليسير من حل عقد فكان ثواب التنفيس عن المؤمن تنفيس كربة عنه يوم القيامة. فأما التيسير على المعسر؛ فإنه أبلغ من التنفيس؛ ولذلك كان ثوابه في الدنيا والآخرة.
وأما ستر المسلم فيجوز أن يكون إذا رآه على ذنب يستره أو يكون يستره بما

الصفحة 51