كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

قلنا: وما كانوا يصنعون بالنوى؟ قال: يمصونه ويشربون عله الماء، قال: فدعا عليها، حتى ملأ القوم أزودتهم، قال: فقال عند ذلك: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة)].
في هذا الحديث من الفقه أن نحر الظهر عند اشتداد الضرورة جائز، لإذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
وفيه أيضا أن العدول عن ذلك لما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جميع الأزواد والدعاء عليها أفضل.
وفيه جواز أن يشير على الإمام ذو الرأي والكلمة المسموعة من أصحابه كإشارة عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وفيه أيضا دليل على جواز الرجوع إلى قول الصاحب عن معاينة الأولى والأجدر، وترك العزم الأول.
وفيه أيضا من الفقه جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقية أزواد القوم ليدعوا فيها بالبركة التي لا تخفى منها مكانها ولم ينكر لهم سؤال أطعمه.
وفيه أيضا دليل واضح على صحة نبوته - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قد دل هذا الحديث على أنه ملئ من ذلك القدر الطفيف كل مزادة في العسكر، وفصلت فضله حتى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله).
وفيه أيضا دليل على أنه يستحب تجديد الشهادة عند تجديد كل نعمة أو ظهور آية؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن على شك من أنه لا إله إلا الله وأنه رسول الله؛ لأنه شهد بالوحدانية ولنفسه بالرسالة عند تجدد هذه النعمة.

الصفحة 58