كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

يومان، ويتأخر عنه يومان، وتكون الجمعة منفردة بنفسها.
* وفيه تنبيه على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (27/أ) أعلم أمته بأن الله يستعرض صحائف الخلق في كل أسبوع مرتين، فيمحو السيئة، ويغفر الهفوة، ويعفو عن الزلة، إلا حالة المتشاحنين؛ فإنه لو غفر أحدهما كان ذلك طيا لحق مشاحنه، فلما كان الأمر بينها واقفا من جهتهما معا وقف الأمر في قضيتهما على ما يفضي إليه حالهما، وكان هذا شديدا في تحذير المؤمن من المشاحنة، وهي أن يطيع كل من المسلمين شحناه في الآخرة، ويتبع حقده ودخله ووتره.
* فأما موجباتها فكثيرة، فمنها ما يكون من حسد يبلغ بصاحبه إلى بغض المحسود ومشاحنته، وأكثر ما يعرض هذا في الأقرب نسبا أو حالا أو دارا أو ولاية فالأقرب.
* وقد يكون الشحناء عن الكبر؛ فإني رأيت أكثر ما يثير الشر بين المسلمين الكبر؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه} يعني حل لطباعه أن تمتد إلى ما تقصر عنه مقاديرهم.
ولقد كتبت إلى الإمام المقتفي رضي الله عنه مرة، وأنا في المخزن، فقلت له: إني أخاف أن أكون قد أحللت نفسي منك بمنزلة لم تحلني أنت بها، فاقطع أنا بمقتضى ظني قطعا زائدا، وإذا أقمت أنت أمري على ما أنزلتني فيه من ظنك، كان ذلك المقام متأخرا عن المقام الذي طمعت فيه، فيثبت ذلك فيما بيننا في الأحوال والأقوال، فتعود مسألة خلاف تثير جدلا لا تنطق به الألسن ولا تحتوي عليه الطروس، ولكن تشهد به الأحوال، وتفصح عنه الاتفاقات،

الصفحة 75