كتاب الإفصاح عن معاني الصحاح (اسم الجزء: 8)

فقد رأيت أن أتداوى من هذا الداء أنني لا أشير إلى مرتبة إلا وأقمت نفسي دونها، ولا أنجذب بطبعي (27/ب) إلى درجة إلا أنزلت نفسي إلى الانحطاط عنها.
فالكبر أصل فساد ما عليه الناس، فإن من يتكبر لا يقنع بأن يتكبر هو على الناس نفسه، حتى يعمل على ذلك غيره، فيلوم أهل التواضع فعلهم إياه، من حيث إنهم يظهرون شعارا السنة التي تكسر بدعته، ويحبون منها ما أماته من جهله.
والكبر فهو غمط الناس وبطر الحق، هذا هو حده، فليس منه أن يكون الرجل جميل الثوب، طيب الريح، طويل السمت، كريم الجلساء، وإن من جمال ثوب الإنسان طهارته في نفسه، وحله في جنسه، وكونه وفقا للسنة في هيئته، وليس من جماله أن يبالغ في ترقيعه، ولا أن يجعله يسحب من ورائه.
* ومن الشحناء: البغي، والبغي يتنوع، وأظهره وأشده الذي يفضي بصاحبه إلى قتال أهل الحقن كما قال سبحانه وتعالى: {فإن بغت إحداهما} الآية. وقد ذكرنا فيما تقدم من ذلك ما فيه وضوح بحمد الله سبحانه.
* ومن البغي أيضا أن يبغي الرجل على أخيه، ويرى أن أخاه هو الباغي، وهذا فيه خلاص له من دائه هذا بأن يحكم في علته أمر الشرع، فإن حكم الشرع لصاحبه انقادا، وله قنع.

الصفحة 76