كتاب الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف

وأقول: اعلم أنَّ الله تعالى قد عرفنا بأوليائه في كتابه العزيز فقال: {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} 1 ثم فسرهم2 تعالى بقوله: {الذِينَءَامَنُوا ... } الآية، فإنَّها مستأنفة استئنافاً بيانياً كأنَّه قيل: من هم؟ فقال: {الذِينَءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} .
يدل على ذلك3 ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد: "في قوله {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} قيل: من هم يارب؟ قال: {الذِينَءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} "4، وفسر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الإيمان في حديث جبريل الذي أخرجه مسلم من حديث عمر حين جاء يسأله عن الإيمان، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" 5 والحديث مأخوذ من قوله تعالى {ءَامَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّءَامَنَ بِالله وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِن رُّسُلِهِ} 6 ولم يذكر في الآية إلا أربعة أركان
__________
1 سورة يونس الآية 62.
2 في (ب) " بشرهم ".
3 في (ب) " يدل لذلك ".
4 جامع البيان (7/132) قال ابن جرير رحمه اللَّه: "ولي اللَّه هو من كان بالصفة التي وصفه اللَّه بها وهو الذي آمن واتقى كما قال اللَّه {الذِينَءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ".
5 صحيح مسلم (1/37) .
6 سورة البقرة الآية 285

الصفحة 44