كتاب الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف

وهذا المعنى كثيرٌ1 في الأحاديث كثرة واسعة. والمراد من قوله: "يحب لله" أي: يحب الطاعة؛ لأنَّ الله يحبها، ويبغض المعصية؛ لأنَّ الله يبغضها.
قال تعالى: {وَلكِنَّ الله حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} 2، وفي الحديث: "المؤمن من سرته حسنته، وساءته سيئته" 3، وكذلك يبغض العاصي لعصيانه ويحب التقي لتقواه، فهذا هو الحب لله والبغض له.
وقوله: "الذين يذكرون بذكري" يحتمل المراد الذين يذكرون4 بسبب ذكرهم إياي، أي: أنَّ ذكرهم [لله] 5 تعالى كان سبباً لذكره تعالى لهم، من باب قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} 6، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم حاكياً عن الله: "إنَّ العبد إذا ذكره في ملأ
__________
1 في (أ) : " كثيراً " وهو خطأ.
2 سورة الحجرات الآية 7.
3 قطعة من حديث عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه. رواه الترمذي (4/465) وأحمد (1/18) والحاكم (1/114) وصححه، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه"
وله شاهد من حديث أبي أمامة. أخرجه أحمد (5/251) والحاكم (1/14) ، وصححه الألباني. انظر السلسلة الصحيحة (2/83) .
4 في (ب) : " يحتمل أن يراد الذين يذكرون ".
5 زيادة يقتضيها السياق.
6 سورة البقرة الآية 125.

الصفحة 49