كتاب الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف

الكلام الفارغ الذي ينقلونه عن أبي يزيد، إن صح فهو من شطحات هؤلاء المتهوكة.
ولقد راجت هذه الدعاوى الفارغة [604] على جماعة من علماء الإسلام صاروا كالعامة في قبول المحالات، فلقد ألف الحافظ السيوطي رسالة سماها: "المنجلي في تطورات الولي"1، وأتى فيها بحكايات باطلة، وأقوال عن الأدلة عاطلة، حتى كأنَّه ما عرف السنة والكتاب، ولا ملأ الدنيا بمؤلفاته التي أتى فيها بكلِّ عجاب، فلا يغتر الناظر بنقل ما يخالف السنة والكتاب، وإن حكاه من العلماء بحرُ علمٍ عبابٍ، وما أحسن ما قاله ابنُ الجوزي في كتابه صيد الخاطر قال: "واعلم أنَّ المحقق لا يهوله اسمٌ معظمٌ، كما قال رجل لعلي رضي الله عنه: أتظن أنَّا نظن أنَّ طلحة والزبير كانا على باطل؟ فقال له عليٌّ "عليه السلام"2: "إن الحق لا
__________
1 قال الصنعاني في رسالته جمع الشتيت (ص129) : " ... ثمَّ إنَّ الجلال السيوطي قائلٌ بأنَّ التطورات كائنةٌ مقدورةٌ غيرُ محالةٍ على بني آدم، والكون في مكانين في آن واحد غير محال عنده، وفيه ألَّف رسالته المعروفة "القول المنجلي في تطورات الوليّ" وإن كنَّا نرى بطلان ما قاله من التطورات، ورددنا عليه رسالته التي ما كانت تليق بعلومه ومعرفته السنن النبوية، ويحتمل أنَّها مكذوبة عليه". أ?، وهي مطبوعة ضمن كتاب الحاوي لفتاوى السيوطي (2/264) .
2 في صيد الخاطر: "فقال له: إنَّ الحق ... ". فقوله: "عليٌ عليه السلام" زيادة ليست موجودة في صيد الخاطر، والمؤلف أحياناً يقول عند ذكر عليّ رضي الله عنه "عليه السلام" ولست أدري أهو منه أو من الناسخ، وتخصيص: عليّ رضي الله عنه بهذا دون سائر الصحابة غير صواب، يقول الحافظ ابن كثير في تفسيره (6/468) : "قلت: وقد غلب هذا في عبارة كثير من النسَّاخ للكتب، أن يفرد علي رضي الله عنه بأن يقال: "عليه السلام" من دون سائر الصحابة، أو "كرَّم الله وجهه" وهذا وإن كان معناه صحيحاً، لكن ينبغي أن يُساوى بين الصحابة في ذلك، فإنَّ هذا من باب التعظيم والتكريم، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه، رضي الله عنهم أجمعين".

الصفحة 66