كتاب الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف

الذين يتبعون الشرع ولا يتعبدون بآرائهم. قال: "واسمع مني بلا محاباة: لا تحتجنَّ عليَّ بأسماء الرجال، وتقول قد قال إبراهيم بن أدهم، قد قال بشر الحافي من احتج برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبأصحابه رضي الله عنهم أقوى حجة".
إلى أن قال "ومن تأمل هذه الأشياء علم أنَّ فقيهاً واحداً وإن قلَّ أتباعه وخفت إذا مات أشياعه أفضلُ من ألوفٍ يتمسح العوام بهم تبركاً، ويشيع جنائزهم مالا يحصى.
وهل الناس إلا صاحبُ أثر يتبعه أو فقيهٌ يفهم مراد الشرع ويفتي به؟! نعوذ بالله من الجهل وتعظيم الأسلاف تقليداً لهم بغير دليل فإنَّ من ورد المشرب الأول رأى سائر المشارب كدرة، والمحنة العظمى مدائح العوام1، فكم غرت كما قال علي رضي الله عنه: "ما أبقى خفق النعال وراء الحمقى من عقولهم شيئاً"2 انتهى من فصل طويل أردت بنقله إعلاماً للناظرين أنَّ أكثر الكرامات التي شاعت بين العوام وحازت على عقول الخواص كذب من العوام الذين هم فتنة دين الإسلام أتباع كلِّ ناعق لم يستضيئوا بنور العلم وهم الهمج الرعاع كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه [605] في كلامه لكميل بن زياد3 ولكنه نفذ
__________
1 في (أ) و (ب) "العموم" وهو خطأ، والمثبت من صيد الخاطر.
2 صيد الخاطر (ص:2833) نقله المصنف باختصار وتصرفٍ يسير في بعض المواطن.
3 رواه أبو نعيم في الحلية (1/79) ولفظه: "يا كميل بن زياد القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ ما أقول لك: الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق ... ".
وفي إسناده: ثابت بن أبي صفية الثمالي، قال الحافظ في التقريب: "ضعيف رافضي".
وقد اعتنى ابن القيم بشرح هذا الأثر في كتابه مفتاح دار السعادة (1/123153) .

الصفحة 69