كتاب الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف

الإيمان فضلاً عن الولاية، وإن أراد أنَّها تكون دالة لمن لم يدخل في الإسلام ويصدق نبوَّة سيد الأنام فهذا أعجب1، فإنَّ الكافر لم يصدق بالمعجزة الحقيقية، فكيف بالكرامة وهذا القرآن باقٍ ببقاء الأزمان وسائر المعجزات الواقعة في عصره صلى الله عليه وآله وسلم قد تواترت لمن له أذنان2.
ولا يقول قائل: إنَّ هذا منَّا إنكارٌ للكرامات. فإنَّا قد قدمنا أنَّه لا ينكرها بإجابة الدعوات وتيسر المطلوبات ودفع المحذورات إلا جاهلٌ بالحقائق3، لكنَّا لا نخصها بفريق معين مثل هؤلاء الذين ينصون عليهم من الشيخ أحمد البدوي4 وغيره5، بل نقول عطاء ربنا غير محصور، فإنَّه أَمَرَ بالدعاء جميع عباده ووعد بالإجابة، فقال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} 6 {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} 7 ولا نعرف من الكرامات إلا إجابة الدعوات بعافية المريض والسلامة من المخاوف
__________
1 في (ب) "فهذا عجيب".
2 والحقّ أنَّ هذا تقرير لا طائل وراءه إلا إنكار الكرامة في الأمور الخارقة للعادة لأولياء الله المتقين، وهي ثابتة لهم بلا ريب، وتقع لهم إمَّا لحجةٍ في الدِّين أو لحاجةٍ بالمسلمين.
3 تقدم التنبيه على أنَّ هذا لا ينكره حتى المعتزلة القائلين بإنكار كرامات الأولياء.
4 هو أحمد بن علي بن محمد بن أبي بكر البدوي، من شيوخ الصوفية الضلال، له خزعبلات وترهات كثيرة يسميها أتباعه كرامات. توفي سنة 675هـ. انظر ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد (5/345) .
5 في (أ) : "لكنَّا نخصُّها بفريق معين مثل هؤلاء الذين ينصون عليهم مثل من الشيخ أحمد البدوي وغيره".
6 سورة غافر، الآية 60.
7 سورة البقرة، الآية 186.

الصفحة 75