كتاب الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف

يصلون"1. أخرجه أبو نعيم في الحلية2. فهذا الذي ورد في موسى عليه السلام وفي عموم الأنبياء أنَّهم يصلون في قبورهم على أنَّ طرق هذه الأحاديث مظلمة3، إذ ليس رجالها لنا بمعروفين ولئن قلنا بصحتها فأين
__________
1 رواه أبو يعلى (6/147 رقم 3425) ومن طريقه البيهقي في حياة الأنبياء (ص:72) عن أبي الجهم الأزرق بن علي ثنا يحيى بن أبي بكر ثنا المستلم بن سعيد، عن الحجاج عن ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه. قال الألباني في السلسلة الصحيحة (2/189) : "وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات، غير الأزرق هذا قال الحافظ في التقريب: "صدوق يغرب"، ولم يتفرد به، فقد أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (3/83) من طريق عبد الله بن إبراهيم بن الصباح عن عبد الله بن محمد بن يحيى بن أبي بكير ثنا يحيى ابن أبي بكير به، أورده في ترجمة ابن الصباح هذا، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وعبد الله بن محمد بن يحيى بن أبي بكير، فترجمه الخطيب (10/8) وقال: "سمع جده يحيى بن أبي بكير قاضي كرمان ... وكان ثقة" فهذه متابعة قوية للأزرق، تدل على أنَّه قد حفظ ولم يغرب، وكأنَّه لذلك قال المناوي في فيض القدير بعدما عزاه أصله لأبي يعلى: "وهو حديث صحيح".ا?.
2 لم أجده في الحلية، وقد أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/38) ، وتقدم إسناده في الحاشية السابقة.
3 تقدم معنا في الحاشية السابقة أنَّ الحديث صحيح، كما حقَّقه العلامة الألباني حفظه الله، بل قد قال الصنعاني نفسه رحمه الله في جمع الشتيت (ص:158) : "ثبت في الأخبار بأنَّهم يصلون في قبورهم، فأخرج أبو يعلى والبيهقي عن أنس رضي الله عنه" فذكر الحديث. ولا يلزم من إثباته إثبات ما ذكر من أنَّهم يأكلون ويشربون وينكحون، قال العلامة الألباني حفظه الله: "اعلم أنَّ الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إنَّما هي حياة برزخية، ليست من حياة الدنيا في شيء، ولذلك وجب الإيمان بها، دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا، هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد: الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادّعاء أنَّ حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية! قال: يأكل ويشرب ويجامع نساءه!! وإنَّما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى". السلسلة الصحيحة (2/190، 191) .

الصفحة 80