كتاب الإنصاف في حقيقة الأولياء ومالهم من الكرامات والألطاف

وكراماتهم، لا عن الأنبياء ومعجزاتهم، ولكنَّه تدرج بذكرهم إلى إلحاق الأولياء بهم في حياتهم بعد الموت وكراماته وهو استدلالٌ باطلٌ وقياسٌ فاسدٌ، فإنَّ النبوة رتبةٌ عاليةٌ، والمعجزات منهم مطلوبةٌ عند التحدي، فلا يلحق أحد بالأنبياء عليهم السلام في لوازم النبوة بالاتفاق، إذ من شرط القياس مشاركة الفرع للأصل في علة الحكم1، والحكم هنا ثبوت المعجزات، والعلة النبوة والتحدي، والولي ليس له نبوةٌ اتفاقاً فلا معجزة، والكرامةٌ بإجابة الأدعية ونحوها ثابتة بأدلة القرآن والسنة، وغيرُها من الخوارق ممنوعٌ صدوره عن الأولياء كما تقدم نقله عن ابن السبكي والقشيري والأستاذ أبي إسحاق الإسفرايني الذي قال الأسنوي في وصفه: "أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفرايني صاحب العلوم الشرعية والعقلية واللغوية والاجتهاد في العبادة والورع"2 وأثنى عليه ثناء كثيراً. ذكره في طبقات الشافعية. إذا عرفت هذا فإنَّه لم يثبت دليلٌ على ما ادعاه من أنَّ الأنبياء3 عليهم السلام يأكلون ويشربون وينكحون. غاية ما في ذلك أنَّه ثبت للشهيد منهم الرزق الذي ذكره الله تعالى ولا ينفعه هذا جميعه في جواب السؤال.
__________
1 انظر في الكلام على هذا الشرط البحر المحيط للزركشي (5/146) ، وانظر: رسالة الصنعاني "الاقتباس لمعرفة الحق من أنواع القياس" (ص:36 وما بعدها) وهي مقتبسة من إعلام الموقعين لابن القيم.
2 طبقات الشافعية للأسنوي (1/59) .
3 في (ب) : "الأولياء".

الصفحة 83