كتاب الإتقان في علوم القرآن (ط مجمع الملك فهد) (اسم الجزء: 4)

بمعرفة التوحيد والوجل يكون عند خوف الزيغ والذهاب عن الهدى فتوجه القلوب لذلك وقد جمع بينهما في قوله { تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله }
4170 ومما استشكلوه قوله تعالى { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا } فإنه يدل على حصر المانع من الإيمان في أحد هذين الشيئين
وقال في آية أخرى { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث }
الله بشرا رسولا ) فهذا حصر آخر في غيرهما
وأجاب ابن عبد السلام بأن معنى الآية الأولى ( وما منع الناس أن يؤمنوا إلا إرادة أن تأتيهم سنة الأولين من الخسف أو غيره أو يأتيهم العذاب قبلا في الآخرة ) فأخبر أنه أراد أن يصيبهم أحد الأمرين ولا شك أن إرادة الله مانعة من وقوع ما ينافي المراد
فهذا حصر في السبب الحقيقي لأن الله هو المانع في الحقيقة
ومعنى الآية الثانية ( وما منع الناس أن يؤمنوا إلا استغراب بعثه بشرا رسولا ) لأن قولهم ليس مانعا من الإيمان لأنه لا يصلح لذلك وهو يدل على الإستغراب بالإلتزام وهو المناسب للمانعية واستغرابهم ليس مانعا حقيقيا بل عاديا لجواز وجود الإيمان معه بخلاف إرادة الله تعالى فهذا حصر في المانع العادي والأول حصر في المانع الحقيقي فلا تنافى

الصفحة 1481