كتاب الإتقان في علوم القرآن (ط مجمع الملك فهد) (اسم الجزء: 4)

4483 وهذا الذي قاله الزمخشري في غاية الحسن وقد اعترض عليه بعضهم فقال تقديم ( الآخرة ) أفاد ان إيقانهم مقصور على أنه إيقان بالآخرة لا بغيرها وهذا الإعتراض من قائلة مبني على ما فهمه من أن تقديم المعمول يفيد الحصر وليس كذلك ثم قال المعترض وتقديم ( هم ) أفاد أن هذا القصر مختص بهم فيكون إيقان غيرهم بالآخرة إيمانا بغيرها حيث قالوا { لن تمسنا النار } وهذا منه أيضا إستمرار على ما في ذهنه من الحصر أي أن المسلمين لا يوقنون إلا بالآخرة وأهل الكتاب يوقنون بها وبغيرها
وهذا فهم عجيب ألجأه إليه فهمه الحصر وهو ممنوع
وعلى تقدير تسليمه فالحصر على ثلاثة أقسام
أحدها بما وإلا كقولك ( ما قام إلا زيد ) صريح في نفي القيام عن غير زيد ويقتضي إثبات القيام لزيد قيل بالمنطوق وقيل بالمفهوم وهو الصحيح لكنه أقوى المفاهيم لأن ( إلا ) موضوعة للإستثناء وهو الإخراج فدلالتها على الإخراج بالمنطوق لا بالمفهوم ولكن الإخراج من عدم القيام ليس هو عين القيام بل قد يستلزمه فلذلك رجحنا أنه بالمفهوم والتبس على بعض الناس لذلك فقال إنه بالمنطوق
والثاني الحصر ب ( إنما ) وهو قريب من الأول فيما نحن فيه وإن كان جانب الإثبات فيه أظهر فكأنه يفيد إثبات قيام زيد إذا قلت إنما قام زيد بالمنطوق ونفيه عن غيره بالمفهوم

الصفحة 1581