كتاب الإتقان في علوم القرآن (ط مجمع الملك فهد) (اسم الجزء: 5)
قوله تعالى { قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى } أن هذه الفصاحة لم تجر على لغة العجم الثامن
5319 قال البارزي في أول كتابه ( أنوار التحصيل في أسرار التنزيل ) اعلم أن المعنى الواحد قد يخبر عنه بألفاظ بعضها أحسن من بعض وكذلك كل واحد من جزأي الجملة قد يعبر عنه بأفصح ما يلائم الجزء الآخر ولا بد من إستحضار معاني الجمل أو إستحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ ثم إستعمال أنسبها وأفصحها وإستحضار هذا متعذر على البشر في أكثر الأحوال وذلك عتيد حاصل في علم الله تعالى فلذلك كان القرآن أحسن الحديث وأفصحه وإن كان مشتملا على الفصيح والأفصح والمليح والأملح ولذلك أمثلة منها قوله تعالى { وجنى الجنتين دان } لو قال مكانه ( وثمر الجنتين قريب ) لم يقم مقامه من جهة الجناس بين الجنى والجنتين ومن جهة أن الثمر لا يشعر بمصيره إلى حال يجني فيها ومن جهة مؤاخاة الفواصل
ومنها قوله تعالى { وما كنت تتلو من قبله من كتاب } أحسن من التعبير ب ( تقرأ ) لثقله بالهمزة
ومنها { لا ريب فيه } أحسن من ( لاشك فيه ) لثقل الإدغام ولهذا كثر ذكر الريب
ومنها { ولا تهنوا } أحسن من ( ولا تضعفوا