كتاب الإتقان في علوم القرآن (ط مجمع الملك فهد) (اسم الجزء: 5)

لنا في حياتنا إلى الوقوف عليها وقوفا يوجب الائتلاف ويرفع عنا الاختلاف إذ كان الاختلاف مركوزا في فطرنا وكان لا يمكن ارتفاعه وزواله إلا بارتفاع هذه الجبلة ونقلها إلى صورة غيرها صح ضرورة أن لنا حياة أخرى غير هذه الحياة فيها يرتفع الخلاف والعناد وهذه هي الحالة التي وعد الله بالمصير إليها فقال { ونزعنا ما في صدورهم من غل } حقد فقد صار الخلاف الموجود كما ترى أوضح دليل على كون البعث الذي ينكره المنكرون
كذا قرره ابن السيد
5435 ومن ذلك الاستدلال على أن صانع العالم واحد بدلالة التمانع المشار إليها في قوله { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } لأنه لو كان للعالم صانعان لكان لا يجري تدبيرهما على نظام ولا يتسق على أحكام ولكان العجز يلحقهما أو أحدهما وذلك لأنه لو أراد أحدهما إحياء جسم وأراد الآخر إماتته فإما أن تنفذ إرادتهما فيتناقض لاستحالة تجزي الفعل إن فرض الاتفاق أو لامتناع اجتماع الضدين إن فرض الاختلاف وإما ألا تنفذ إرادتهما فيؤدي إلى عجزهما أو لا تنفذ إرادة أحدهما فيؤدي إلى عجزه والإله لا يكون عاجزا

الصفحة 1958