كتاب الإتقان في علوم القرآن (ط مجمع الملك فهد) (اسم الجزء: 1)
521 فإن قلت ليس في القرآن التصريح بذلك وإنما هو على تقدير ثبوته قول الكفار
قلت سكوته تعالى عن الرد عليهم في ذلك وعدوله إلى بيان حكمته دليل على صحته ولو كانت الكتب كلها نزلت مفرقة لكان يكفي في الرد عليهم أن يقول إن ذلك سنة الله في الكتب التي أنزلها على الرسل السابقة كما أجاب بمثل ذلك قولهم { وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } فقال { وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق } وقولهم { أبعث الله بشرا رسولا } فقال { وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم } وقولهم كيف يكون رسولا ولا هم له إلا النساء فقال { ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية } إلى غير ذلك
522 ومن الأدلة على ذلك أيضا قوله تعالى في إنزال التوراة على موسى يوم الصعقة { فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة } { وألقى الألواح } { ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة } { وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة } فهذه الآيات كلها دالة على إتيانه التوراة جملة