كتاب الإسلام وأوضاعنا السياسية

سخره للبشر جميعًا وجعله مشاعًا بين عباده الذين استخلفهم في الأرض ليعيشوا فيه وينتفعوا به، فما يعيش أحد منهم في ملكه، وما ينتفع إلا بملك الله، وليس أحد مهم أحق بملك الله من غيره، وقد جعل الله منفعته لكل البشر سواء.

ولقد بين الله لعباده الذين استخلفهم في الأرض أنهم حينما يستغلون ما خلق ويستثمرونه ويحصلون على منافعه لا يأتون بشيء من عندهم، وإنما هو رزق من الله يسوقه إليهم، وفضل آخر يغمرهم به: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} [سبأ: 24] .. {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [فاطر: 3]. وإذا لم يكن ثمة من يرزق غير الله فعلى البشر أن يطلبوا الرزق من الله وحده، وأن يبتغوه عنده {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ} [العنكبوت: 17]، فهو الرازق القوي على خلق الرزق وإيصاله للمرزوقين {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58].

فملك الله مسخر لمنفعة البشر، ولهم جميعًا أن ينتفعوا به ويستغلوه ويستثمروه ويعملوا فيه، والله مؤتيهم ثمرات الملك وغلته وأجورهم رزقًا من عنده، وما لرزقه من نفاد، وما جعل الله هذا كله إلا نعمة منه على البشر، ما يعود عليه من نفع، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرًا.

ولقد علمنا فيما سبق أن ما في أيدي البشر من ملك الله

الصفحة 37