كتاب الإسلام والحكم

إلى الشط الثاني -من غير أن يصابوا في نفس أو مال أو متاع- حادثا غريبا من أغرب ما وقع في التاريخ أن الحادث لغريب، ولكن أشد منه غرابة وأدعى للعجب أن المسلمين في عهد الخلافة الراشدة والفتوح الإسلامية الأولى خاضوا في بحر مدنية الروم وفارس وهو هائج مائج وعبروه ولم يفقدوا شيئا من أخلاقهم ومبادئهم وعاداتهم ووصلوا إلى الشط الثاني ولم تبتل ثيابهم ولم يزل الخلفاء الراشدون وأمراء الدولة الإسلامية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم محتفظين بروحهم ونفسيتهم وزهدهم وبساطتهم في المعيشة وتخشنهم في أوج الفتوح الإسلامية.
4 - ومن مزايا الأنبياء والدعاة إلى الله التجرد للدعوة والتفرغ لها بالقلب والقالب والنفس والنفيس والوقت والقوة فمن شأنهم أنهم يركزون جهودهم ومواهبهم ويوفرون أوقاتهم وقواهم لهذه الدعوة ونشرها والجهاد في سبيلها ويعطونها كلهم ولا يضنون عليها بشيء مما عندهم ولا يحتفظون بشيء ولا يؤثرون عليهم شيئا لا وطنا ولا أهلا ولا عشيرة ولا هوى ولا مالا ثم تثمر جهودهم وقد لا تثمر في الدنيا وقد تثمر بعد حياتهم فهذا هو النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب بقوله تعالى {وإما نرينك بعض الذي نعدهم

الصفحة 22