كتاب إتحاف ذوي الألباب

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ... } (¬1) - الآيَةَ - (¬2).
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ مِنَ القُرُونِ؛ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} (¬3)، وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ مِنْهَا؛ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} (¬4)، فَيَمْحُو قَرْنًا وَيُثْبِتُ قَرْنًا (¬5).
وَقِيلَ: هُوَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِطَاعَةِ اللهِ، ثُمَّ يَعْمَلُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، فَيَمُوتُ عَلَى ضَلَالَةٍ، فَهَذَا الَّذِي يَمْحُو، وَالَّذِيَ يُثْبِتُ: الرَّجُلُ يَعْمَلُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ ثُمَّ يَتُوبُ، فَيَمْحُوهُ اللهُ مِنْ دِيوَانِ السَّيِّئَاتِ وَيُثْبِتُهُ فِي دِيوَانِ الحَسَنَاتِ، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَالمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ عَادِلٍ (¬6) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (¬7).
وَقِيلَ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} يَعْنِي: الدُّنْيَا، {وَيُثْبِتُ} الآخِرَةَ (¬8).
¬__________
(¬1) سُورَةُ (الزُّمَر)، آيَة (42).
(¬2) انْظُرْ «تَفْسِيرَ القُرْطُبِيِّ» (9/ 332).
(¬3) سُورَةُ (يَس)، آيَة (31).
(¬4) سُورَةُ (المُؤْمِنُونَ)، آيَة (31).
(¬5) انْظُرْ «تَفْسِيرَ القُرْطُبِيِّ» (9/ 332).
(¬6) انْظُرْ «تَفْسِيرَ الثَّعْلَبِيِّ» (5/ 298)، وَ «المَاوَرْدِيِّ» (3/ 118)، وَ «ابْنِ عَادِلٍ» (11/ 321).
(¬7) أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» (13/ 564)، وَالبَيْهَقِيُّ فِي «القَضَاءِ وَالقَدَرِ» (ص215).
(¬8) انْظُرْ «تَفْسِيرَ القُرْطُبِيِّ» (9/ 332).

الصفحة 50