كتاب إتحاف ذوي الألباب

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {أَجَلًا} فِي المَوْتِ، {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}؛ أَيْ: أَجَلُ القِيَامَةِ (¬1).
قَالَ القُرْطُبِيُّ: «فَالمَعْنَى عَلَى هَذَا: حَكَمَ (¬2) أَجَلًا، وَأَعْلَمَكُمْ أَنَّكُمْ تُقِيمُونَ إِلَى المَوْتِ، وَلَمْ يُعْلِمْكُمْ بِأَجَلِ القِيَامَةِ» (¬3).
وَفِي «الوَسِيطِ» - تَفْسِيرِ الوَاحِدِيِّ (¬4) -: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} يَعْنِي: أَجَلَ الحَيَاةِ إِلَى المَوْتِ، {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} يَعْنِي: أَجَلَ المَوْتِ إِلَى البَعْثِ وَقِيَامِ السَّاعَةِ (¬5).
قَالَ: «وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ (¬6) وَقَتَادَةَ
¬__________
(¬1) أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» (9/ 151).
(¬2) أَوْ: (أَحْكَمَ) كَمَا جَاءَتْ العِبَارَةُ - بِتَمَامِهَا - عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ النَّحَّاسِ فِي «إِعْرَابِ القُرْآنِ» (2/ 3)، وَ (حَكَمَ) وَ (أَحْكَمَ) تَأْتِيَانِ بِمَعْنَى: قَضَى.
(¬3) انْظُرْ «تَفْسِيرَ القُرْطُبِيِّ» (6/ 389).
(¬4) هُوَ: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو الحَسَنِ الوَاحِدِيُّ، مُفَسِّرٌ، عَالِمٌ بِالأَدَبِ، نَعَتَهُ الذَّهَبِيُّ بِإِمَامِ عُلَمَاءِ التَّأْوِيلِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ (468هـ)، انْظُرِ «الأَعْلَامَ» لِلزِّرِكْلِيِّ (4/ 255).
(¬5) انْظُرِ «الوَسِيطَ» لِلْوَاحِدِيِّ (2/ 252).
(¬6) بِفَتْحِ اليَاءِ أَوِ كَسْرِهَا؛ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي «شَرْحِ مُسْلِمٍ» (1/ 107): «وَأَمَّا المُسَيَّبُ - وَالِدُ سَعِيدٍ - فَصَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ، هَذَا هُوَ المَشْهُورُ، وَحَكَى صَاحِبُ «مَطَالِعِ الْأَنْوَارِ» عَنْ عَلِيِّ بْنِ المَدِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَهْلُ الْعِرَاقِ يَفْتَحُونَ الْيَاءَ، وَأَهْلُ المَدِينَةِ يَكْسِرُونَهَا، قَالَ: وَحَكَى أَنَّ سَعِيدًا كَانَ يَكْرَهُ الْفَتْحَ».

الصفحة 57