كتاب إتحاف ذوي الألباب

وَالضَّحَّاكِ وَمُقَاتِلٍ» (¬1).
وَقَالَ الحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ - وَهَذَا لَفْظُ الحَسَنِ -: قَضَى أَجَلَ الدُّنْيَا مِنْ يَوْمِ خَلَقَكَ إِلَى أَنْ تَمُوتَ، {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} يَعْنِي: الآخِرَةَ (¬2).
وَقِيلَ: {قَضَى أَجَلًا}: مَا نَعْرِفُهُ مِنْ أَوْقَاتِ الأَهِلَّةِ وَالزُّرُوعِ وَمَا أَشْبَهَهَا، {وَأَجَلٌ مُسَمًّى}: أَجَلُ المَوْتِ، لَا يَعْلَمُ الإِنْسَانُ مَتَى يَمُوتُ (¬3).
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: {قَضَى أَجَلًا} بِقَضَاءِ الدُّنْيَا، {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} لابْتِدَاءِ الآخِرَةِ (¬4).
وَقَالَ الإِمَامُ ابْنُ حَزْمٍ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي «المِلَلِ وَالنِّحَلِ»: «وَهَذِهِ الآيَةُ
¬__________
(¬1) انْظُرِ «الوَسِيطَ» لِلْوَاحِدِيِّ (2/ 252).
(¬2) أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي «تَفْسِيرِهِ» (2/ 40)، وَالطَّبَرِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» (9/ 152) عَنْ قَتَادَةَ وَالحَسَنِ.
وَأَمَّا مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» (9/ 152) بِقَوْلِهِمَا: (ثُمَّ قَضَى أَجَلًا): قَضَى أَجَلَ الدُّنْيَا، (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ): هُوَ أَجَلُ الْبَعْثِ.
(¬3) أَوْرَدَ هَذَا القَوْلَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فِي «إِعْرَابِ القُرْآنِ» (2/ 3)، وَلَمْ يَعْزُهُ لأَحَدٍ، وَتَتَابَعَ عَلَى نَقْلِهِ المُفَسِّرُونَ الَّذِينَ بَعْدَهُ.
(¬4) أَخْرَجَهُمَا الطَّبَرِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» (9/ 151و153) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (أَجَلًا)، قَالَ: الدُّنْيَا، (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ): الْآخِرَةُ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ: (قَضَى أَجَلًا)، قَالَ: أَجَلَ الدُّنْيَا، (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ)، قَالَ: الْبَعْثُ.

الصفحة 58