كتاب كشف الأسرار عن القول التليد فيما لحق مسألة الحجاب من تحريف وتبديل وتصحيف

وما بدأ الله بهن- وهن أمهات للمؤمنين - إلا ليمهد وينبه ويُسلي من بعدهن من المؤمنات بعظيم شأن الحجاب وقوة فريضته ويهون على من دونهن أوامره ونواهيه التي جاءت في ذلك.
وصرن بهذا مختصاتٍ بالأمر بالتحجب من أبنائهن، خلافاً لسائر الأمهات اللاتي ليس مفروضاً عليهن ذلك، ولا أريد أن أطيل هنا في مسألة خصوصيتهن وما لحقها من التحريف والتبديل والتصحيف من بعض المتأخرين، حتى قيل أن وجوب ستر الوجه مخصوص بأمهات المؤمنين وسنة على غيرهن من النساء، وبدون أن يكون لهم أدنى دليل أو مستند أو قول من أهل العلم في ذلك، إلا أنه عُكِس وبُدل مفهوم الخصوصية التي قصدها المتقدمون، فحورب النقاب لأجل هذا، وأُولت أدلته من الكتاب والسنة حتى عاد غريباً كما بدأ، بسبب فهم مغلوط ومعكوس لكلمة الخصوصية، وبهذا بدَّلوا الفائدة والحكمة التي أرادها الله من خصوصيتهن بالتحجب وهن الأمهات، وسوف نعقد لهذا فصلاً مستقلاً بمشيئة الله تعالى، وما يعنينا هنا، هو أن يُراجع القارئ الكريم السورة، ويتأمل ذكرها لهذا التشريف الكريم وما حوته من آيات مهدت بعده لهذا الحدث العظيم، وهو فريضة الحجاب، وستر النساء لوجوههن عن الرجال.
د - تمهيد سورة الأحزاب لمسائل الحجاب على سبيل الخصوص:
فإن كان هناك تمهيد وإعداد لفريضة الحجاب على سبيل العموم مما ذكرناه من عدم طاعة الكافرين والاعتماد على الله ولزوم أمره، وكذلك تذكيرهم بيوم الأحزاب وهذا فيه إشارة إلى أنه من كان مع الله

الصفحة 24