كتاب كشف الأسرار عن القول التليد فيما لحق مسألة الحجاب من تحريف وتبديل وتصحيف

وقال الشيخ أبو الأعلى المودودي رحمه الله: (نعم! هو النقاب (Veil) الذي تعده أوربا غاية في الشناعة والقبح، ويكاد الضمير الغربي يختنق حتى من تصوره، ويعتبره الغربيون عنوان الظلم وسيما الوحشية وضيق الفكر، وهو أول ما يعقد عليه الخنصر إذا ذكرت أُمة شرقية بالجهالة والتخلف في طريق التمدن، وأما إذا وصفت أمة في الشرق بكونها سائرة في طريق الحضارة والتمدن، فأول ما يذكر من شواهده بكل تبجح وافتخار؛ هو كون (النقاب) قد زال عن هذه الأمة أو كاد.
ويا لخزيكم يا أصحابنا المتجددين المستغربين إذا تبين لكم أن هذا الشيء لم يخترع بعد زمان النبي بل نسج بردته القرآن نفسه، وروجه النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمته في حياته، على أن شعوركم بهذا الخزي وإطراقكم بالندامة والخجل ليس بنافعكم شيئاً؛ لأن النعامة إن أخفت رأسها في التراب لرؤية الصائد، فإنه لا يطرد الصائد ولا ينفي وجوده، كذلك إن أشحتم بوجوهكم عن الحقيقة لم تبطل به الحقيقة الثابتة ولم تمح آية القرآن، وإن حاولتم أن تكتموا هذه الوصمة - كما ترونها - في تمدنكم من وراء حجب التأويل لم تزيدوها إلا وضوحاً وجلاء، وإذا كنتم قد قررتم أن هذا النقاب عار على أنفسكم وشنار بعد إيمانكم بوحي الغرب، فليس إلى غسله عن أنفسكم من سبيل غير أن تعلنوا براءتكم من الدين الإسلامي الذي يأمر بالأشياء السمجة البغيضة كلبس النقاب وإسدال الخمار وستر الوجوه ... . - إلى أن قال -
إن بين مقاصد الإسلام ومقاصد الحضارة الغربية - كما ذكرناه غير مرة - لَبَوناً بعيداً وفرقاً شاسعاً جداً، ومخطئ بيِّن الخطأ من يريد أن

الصفحة 567