كتاب كشف ما ألقاه إبليس من البهرج والتلبيس على قلب داود بن جرجيس

ففي الجملة: أحق البقاع بذكر الله فيها المساجد التي يصلى فيها، والمشاعر التي [شرع الله] (1) فيها الذكر، وأمر أن يكون الدين خالصاً له، كما قال تعالى (2) : {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لا شَرِيكَ لَه} (3) فإذا كانت (4) الصلاة والذكر لله وحده لم يكن ذلك مشروعاً عند قبر، كما لا يذبح للميت ولا عند قبره، بل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن (5) العقر (6) ، وكره العلماء الأكل من تلك الذبيحة، فإنها شبه ما ذبح لغير الله.
فلو كانت مقابر الأنبياء والصالحين مما يستحب الدعاء عندها، لكانت إما من المساجد، وإما من المشاعر [التي] (7) يحج إليها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا وهذا، بل لعن الذين يتخذون القبور مساجد، وقال في الحديث الذي
__________
(1) ما بين المعقوفتين إضافة من: "م" و"ش".
(2) سقطت "تعالى"من: "م".
(3) سورة الأنعام، الآيات: 161-163.
(4) في جميع النسخ "كان"، والمثبت من: "الرد على البكري"ولعله الأولى.
(5) في "م" و"ش": "عند".
(6) أخرجه أبو داود في الجنائز باب كراهة الذبح عند القبر (ح/3222) ، وأحمد (3/197) ، وعبد الرزاق في "مصنفه": (ح/6690) ، والبيهقي في "الكبرى": (4/57) ، و (9/314) من طريق ثابت عن أنس مرفوعاً: "لا عقر في الإسلام".وسنده صحيح.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية": (7/118) ، والقضاعي في "مسند الشهاب": (2/40) كلاهما من طريق سفيان عن أبان عن أنس مرفوعاً. وسنده –من هذا الطريق –ضعيف جداً لأن فيه أبان وهو ابن أبي عياش العبدي وهو متروك.
تنبيه: وقع في "مسند الشهاب" "لا عقد.." وهو تحريف. (7) ما بين المعقوفتين إضافة من: "م" و"ش".

الصفحة 301