كتاب كشف ما ألقاه إبليس من البهرج والتلبيس على قلب داود بن جرجيس
فهذا أمر انفرد به ابن عمر –رضي الله عنه- (1) ، والخلفاء الراشدون (2) من الأكابر والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار لم يكونوا يفعلون ذلك، وهم أفضل من ابن عمر وأعظم اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم ولو كان هذا مستحباً لفعله هؤلاء.
وأيضاً فلما فتح المسلمون تستر وجدوا فيه قبر (3) دانيال، وكان أهل البلد يستسقون به، فكتب في ذلك أبو موسى إلى عمر بن الخطاب، فكتب إليه:
"أن احفر بالنهار ثلاثة عشر قبراً وادفنه بالليل في واحد منهما؛ لئلا يفتن (4) به الناس فيستسقون به" (5) .
فهذه كانت سنة الصحابة رضوان الله عليهم.
ولهذا لم يكن في زمن الصحابة والتابعين لهم بإحسان (6) ، على وجه الأرض في ديار الإسلام مسجد (7) على قبر؛ ولا مشهد يزار، لا في الحجاز، ولا في اليمن، ولا الشام، ولا مصر، والعراق، ولا خراسان.
وقد ذكر مالك –رحمه الله (8) – أن وقوف الناس للدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم بدعة لم يفعلها الصحابة والتابعون، وقال: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها".
__________
(1) في "ش": "رضي الله عنهما".
(2) في "ش": "الراشدين".
(3) في هامش (الأصل) : "قوله: قبره، قال شيخنا: المراد به الموضع الذي هو فيه، ليس هو القبر المعهود، وإلا هو كما ورد وجد على سرير ببيت الهرمزان".
(4) في "م" و"ش": "يغتر"، وكذا في هامش (الأصل) ، وكتب فوقها حرف (خ) .
(5) سبق تخريجه.
(6) في جميع النسخ زيادة: "مسجد"، ومقتضى السياق حذفها ليستقيم الكلام.
(7) في جميع النسخ زيادة: "لم يذكر أن أحداً"، والمثبت من: "الرد على البكري".
(8) في "م" و"ش" زيادة: "تعالى".