كتاب كشف ما ألقاه إبليس من البهرج والتلبيس على قلب داود بن جرجيس

والسلف –رض الله عنهم- في تفسيرهم يذكرون جنس المراد بالآية على نوع التمثيل، كما/ يقول الترجمان لمن سأله عن الخبز فيريه رغيفاً، فيقول: هذا، فالإشارة إلى نوع لا إلى عينه. فالآية خطاب لمن دعا من دون الله مدعواً، وذلك المدعو يبتغي إلى ربهالوسيلة ويرجو رحمته، ويخاف عذابه، وهذا (1) موجود في الملائكة والجن والإنس.
والاستغاثة هي طلب كشف الشدة، فكل من دعا ميتاً أو غائباً من الأنبياء والصالحين، أو دعا الملائكة، أو دعا الجن، فقد دعا م لا يغيثه، وقد قال (2) تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقا} (3) .
وقد نص الأئمة، كأحمد وغيره على (4) أنه لا يجوز الاستعاذة (5) بمخلوق، وهذا مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق، قالوا لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعاذ بكلمات الله التامات، من غضبه، وعقابه، [وشر عباده] ، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون" (6) .
__________
(1) في (الأصل) : "هو"، والمثبت من "م" و"ش".
(2) في "م": "وقد قال الله..".
(3) سورة الجن، الآية: 6.
(4) سقطت من "ش": "على".
(5) في جميع النسخ: "الاستغاثة"، والمثبت من: "الرد على البكري".
(6) كتاب "الرد على البكري" الذي بين أيدينا قد ساق فيه المؤلف الحديث بتمامه دون اختصار.
والحديث أخرجه أحمد (2/181) ، وأبو داود في "الطب" باب كيف الرقى (ح/3893) ، والترمذي في "الدعوات": (ح/3528) ، والنسائي في "اليوم والليلة": (ص 453) ، والحاكم (1/548) كلهم من طريق ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً: "إذا فزع أحدكم في النوم فليقل.."وذكره.
قال الترمذي: "حديث حسن غريب"، وقال الحاكم: "صحيح الإسناد متصل في موضع الخلاف".
وأخرجه أحمد (4/57) و (6/6) من حديث الوليد بن الوليد أنه قال: يا رسول الله:
"إني أجد وحشة قال: " إذا أخذت مضجعك فقل أعوذ بكلمات ... " الحديث.
وسنده منقطع؛ لأن محمد بن يحيى بن حبان لم يسمع من الوليد بن الوليد، أفاده المنذري، انظر "الترغيب والترهيب": (2/451) .

الصفحة 306