كتاب كشف ما ألقاه إبليس من البهرج والتلبيس على قلب داود بن جرجيس
قالوا: والاستعاذة لا تجوز بالمخلوق، وقول القائل: "أعوذ بالله" معناه أستجير بالله، فإذا لم يجز أن يستعاذ بمخلوق؛ لا نبي ولا غيره، فإنه لا يجوز أن يقال أنت خير معاذ (1) يستعاذ به، بطريق الأولى والأحرى (2) ، كقول القائل لمن مات من الأنبياء وغيرهم: بك استجير من كذا، وكذا كقوله: بك أستعين، وقوله: بك أستغيث في معنى ذلك إذا كان مطلوبه منع الشدة أو رفعها، والمستعيذ بطلب منع المستعاذ منه أو رفعه، فإذا كان مخوفاً طلب منعه؛ كقوله: أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، وإذا كان حاضراً طلب رفعه، كما في الحديث الصحيح: "أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" (3) فتعوَّذ من شر الموجود، وشر المحاذر.
والداعي يطلب حصول (4) أحد شيئين: إما حصول منفعة، أو دفع مضرة، فالاستعاذة (5) والاستجارة والاستغاثة
/كلها من نوع الطلب والدعاء. ومما يبين حكمة الشريعة وعظم قدرتها، وأنها كما قيل: "سفينة نوح من
__________
(1) في "م" و"ش": "مستعاذ".
(2) سقطت من "م" و"ش": "والأحرى".
(3) أخرجه مسلم في "السلام"باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء
(ح/2202) من حديث عثمان بن أبي العاص مرفوعاً.
(4) سقطت من (المطبوعة) : "حصول".
(5) في "م": "فالاستعانة".