كتاب كشف ما ألقاه إبليس من البهرج والتلبيس على قلب داود بن جرجيس

شيئاً" (1) ومنه قوله تعالى: {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب} (2) ، / ومنه قول (3) النبي صلى الله عليه وسلم في وصف السبعين ألفاً: "هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون" (4) ، فالاسترقاء طلب الرقية من المخلوق. وقد تقدم أن دعواه أن الميت هو عين المنفي في كلام الله ورسوله خطأ، بل ما نفاه الرب عن غيره لم يثبته له، والمنفي عن المخلوق ما اختص الرب به. والمقصود أن كثيراً من الضالين الجاهلين، يستغيثون بمن يحسنون به الظن من الأموات والغائبين، في كل ما يستغاث الله فيه، ولا يتصور أن هؤلاء يسألونهم مطالبهم كلها (5) ، ولا أكثرها (6) ، بل غاية ما يطلبونه منهم من جنس تحصيل المنافع ودفع المضار لا يحصل، بل قد يحصل بعض المطالب، كما يحصل لعباد الأصنام، والكواكب، وغيرهم من المشركين، ويكون [ما] (7) يخبرون به ويفعلونه شبهة للمشركين، كما أن ما يخبر به الكاهن ونحوه، فإنه يصدق في واحدة ويكذب في مائة.
__________
(1) أخرجه مسلم في الزكاة باب كراهة المسألة للناس (ح/1043) من حديث عوف بن مالك الأشجعي مرفوعاً.
(2) سورة الانشراح، الآية: 8.
(3) في "ش": "قوله".
(4) أخرجه البخاري في "الطب" باب من أكتوى أو كوى غيره (ح/5705) ، ومسلم في "الإيمان"باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب (ح/220) من حديث ابن عباس.
وأخرجه مسلم في المصدر السابق (ح/218) من حديث عمران بن حصين مرفوعاً.
(5) سقطت من "ش": "كلها".
(6) في "ش": "أو أكثرها"، وفي (الأصل) : "ولا أكثر"، والمثبت من: "م".
(7) ما بين المعقوفتين إضافة من: "م" و"ش".

الصفحة 319