كتاب كشف ما ألقاه إبليس من البهرج والتلبيس على قلب داود بن جرجيس

دليل عليه، ولا قاله أحد من السلف، بل المنقول عنهم يناقض ذلك، وقد نص غير واحد من العلماء أن هذا لا يجوز، وإن نقل عن بعضهم جوازه، وقد قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول} (1) .
وإن أراد بقوله: لا يكون وسيلة، أي: لا يكون الإيمان به، ومحبته، وطاعته، وموالاته، واتباع سنته، والمجاهدة في دينه ونحو ذلك وسيلة إلى الله تعالى، فهذا لم ينفه أحد، ونفى الاستغاثة به (2) لا ينفي هذه/الوسائل. قوله: وهذا نفي لوصف من أوصاف الكمال الثابتة له صلى الله عليه وسلم.
فيقال له: لا نسلم أن هذا النفي لشيء من صفات الكمال، [بل] (3) ولا نفي لشيء موجود، بل هو نفي لشيء منتف في نفس الأمر.
ويقال أيضاً: ليس كل (4) من نفى وصفاً من أوصاف الكمال يكون كافراً، وقد قال ابن عباس وطائفة: إنه رأى ربه، ونفى ذلك آخرون من الصحابة وغيرهم، بل نفس المعراج قال الجمهور: إنه كان ببدنه، وآخرون من السلف والخلف قالوا: إنه كان بروحه فقط، وقال أكثر المنتسبين إلى السنة: إن الأنبياء أفضل من الملائكة، وآخرون قالوا: الملائكة أو بعضهم أفضل من الأنبياء إلى غير ذلك.
وقال بعض الغلاة: إنه كان يعلم علم الله؛ ويقدر قدرته، وكفر المسلمين من قال ذلك.
وهذا باب واسع، فما زال المسلمون يتنازعون في شيء من إثبات صفات
__________
(1) سورة النساء، الآية: 59.
(2) سقطت من "ش": "به".
(3) ما بين المعقوفتين إضافة من: "الرد على البكري".
(4) سقطت من: (المطبوعة) : "كل".

الصفحة 323