كتاب كشف ما ألقاه إبليس من البهرج والتلبيس على قلب داود بن جرجيس
كفراً، كقولهم: إنه يستغاث بالمخلوق في كل ما يستغاث فيه بالخالق (1) ، فهذا يشعر أنه جعل المخلوق ندّاً للخالق، وما يفهم الشرك كان من سوء (2) العبارة، فيجب أن يكون كفراً يلزم هذا القائل، وقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: "ما شاء الله وشئت، قال: "أجعلتني لله ندّاً، بل ما شاء الله وحده" (3) ، وقال: "من حلف بغير الله فقد أشرك" (4) ، ومثل هذا كثير كقوله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} (5) ، فمن جعل الرسول (6) صلى الله عليه وسلم يطلب منه الناس ما يطلبونه من الله، فقد عصى الله ورسوله، وآذى الرسول، وأساء في حقه، وسلط عليه العامة على اختلاف أغراضهم: هذا يطلب منه الولد؛ وهذا يطلب [منه] (7) / جارية حسنة؛ وهذا يشتكي إليه (8) ظهور البدع، فنزلوا المخلوق منزلة الخالق، وطلبوا منه من جلب المنافع ودفع
__________
(1) في "م": "بالخلق".
(2) في "الرد على البكري": "أسوء".
(3) تقدم تخريجه.
(4) أخرجه الإمام أحمد: (1/407) ، (2/34و 69و 86و 125) ، وأبو داود في "الإيمان والنذور"باب في كراهية الحلف بالآباء: (ح/3251) ، والترمذي في "النذور والأيمان"باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله (ح/1535) ، والطيالسي: (ح/1896) ، وابن حبان –كما في "الإحسان": (6/278) (ح/4343) ، والحاكم، (1/18و 52) ، و (4/297) ، والبيهقي في "الكبرى": (10/29) من طرق عن سعد بن عبيدة عن ابن عمر مرفوعاً، وفيه قصة.
والحديث حسنه الترمذي، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي.
(5) سورة يونس، الآية: 106.
(6) في "م" و"ش": "النبي".
(7) ما بين المعقوفتين إضافة من: "م" و"ش".
(8) في جميع النسخ: "عليه"، والمثبت من: "الرد على البكري".