كتاب الكفارات أحكام وضوابط

المبحث الأول
أقسام القتل، وما يوجب منه الكفارة
لما كانت النفس الإنسانية مكانتها عظيمة عند الله فقد شرع لها ما يقيمها، ويحفظها، ومنع وحذر من كل ما من شأنه أن يضر بها أو يتلفها، بل اعتُبِر حفظ النفس أحد أهم مقاصد الشريعة الإسلامية التي جاءت الشريعة بحفظها ورعايتها، وصيانتها من كل مفسدة.
ولما كان المجتمع المسلم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأجزاء بالسهر والحمى، فإن الإسلام يفترض عدم جرأة المؤمن على قتل أخيه المؤمن قصداً وعمداً لعظم ذلك الفعل وعظم جرمه، إلا ما كان على سبيل الخطأ من دون قصد، وقد بين الله تعالى هذا الأمر في كتابه الكريم بقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 92].
ثم بين عقوبة القتل العمد بقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].

الصفحة 101