كتاب الكفارات أحكام وضوابط

القول الأول: لا قضاء عليه ولا كفارة. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي (¬1).
القول الثاني: عليه القضاء دون الكفارة. وبه قال مالك (¬2).
القول الثالث: عليه القضاء والكفارة. وهو قول أحمد وأهل الظاهر (¬3).
وسبب اختلافهم في قضاء الناسي معارضة ظاهر الأثر في ذلك للقياس.
أما القياس: فهو تشبيه ناسي الصوم بناسي الصلاة. فمن شبهه بناسي الصلاة أوجب عليه القضاء كوجوبه بالنص على ناسي الصلاة.
وأما الأثر المعارض بظاهره لهذا القياس: فهو ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) (¬4).
والراجح هو القول الأول:
لدلالة الحديث الصريح في عدم تأثير النسيان على صحة الصيام ورفع المؤاخذة واللوم عن الناسي، ولأن النسيان من عوارض الأهلية التي تقتضي رفع المؤاخذة لعموم قوله - عليه الصلاة والسلام -: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه). فتأثير النسيان في إسقاط القضاء بيِّن وذلك أنا إن قلنا: إن الأصل هو أن لا يلزم الناسي قضاء حتى يدل الدليل على ذلك وجب أن يكون النسيان لا يوجب القضاء في الصوم، إذ لا دليل هاهنا على ذلك بخلاف الأمر في الصلاة، وإن قلنا: إن
¬_________
(¬1) المبسوط (3/ 65)، بداية المجتهد (2/ 65)، الأم للشافعي (2/ 109)، البيان للعمراني (3/ 509).
(¬2) المدونة (1/ 277)، بداية المجتهد (2/ 65).
(¬3) بداية المجتهد (2/ 65)، المغني (3/ 135).
(¬4) أخرجه مسلم (1155).

الصفحة 122