كتاب الكفارات أحكام وضوابط

واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
1 ـ بقوله تعالى: {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء} [المائدة: 95] فعلق وجوب الجزاء على لفظ: "من" والحكم إذا تعلق بلفظ "من" اقتضى مرة واحدة، ولم يتكرر الحكم بتكرار الفعل كقولهم: من دخل داري فله درهم، فإذا دخلها مرة واحدة استحق درهما، ولو عاد في دخولها لم يستحق شيئا، وكما لو قال لنسائه: من خرجت من الدار فهي طالق، فخرجت واحدة منهن طلقت، ولو عادت فخرجت ثانية لم تطلق، كذلك قاتل الصيد إذا قتله مرة لزمه الجزاء ولو عاد لقتله لم يكن يلزمه الجزاء.
2 ـ ولأن الله تعالى قال في سياق الآية: {ومن عاد فينتقم الله منه} [المائدة: 95]، فأخبر بأن حكم العائد الانتقام منه كما أخبر أن حكم المبتدئ الجزاء، فدل على أن لا حكم للعائد غير الانتقام كما أن لا حكم للمبتدئ غير الجزاء (¬1).
واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي:
أنها كفارة تجب بفعل محظور في الإحرام، فيدخل جزاؤها قبل التكفير، كاللبس والطيب (¬2).
والراجح هو القول الأول لقوة ما استدلوا به، ولأن الجزاء ضمان عن الصيد بالمثل، والمثل لا يتحقق بالجزاء الواحد عن أكثر من صيد.
¬_________
(¬1) الحاوي (4/ 285)، المغني (3/ 451).
(¬2) المغني (3/ 451).

الصفحة 157