كتاب الكفارات أحكام وضوابط

ثانياً: الإطعام:
ورد الإطعام في الآية الكريمة مطلقاً، واجتهد العلماء في تقديره على طريقتين:
الأولى: اعتبار الحد الأدنى لما يحتمله اللفظ المطلق (مساكين)، فقدر بعدد ثلاثة، وهذا رأي ابن حزم؛ لأن الله - تعالى - قال: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} [المائدة: 95]، ولم يحدِّد عددًا، وأن لفظ {مَسَاكِينَ} [المائدة: 95]، جمْع، وأقل الجمع ثلاثة (¬1).
الثانية: التقدير بحسب قيمة الصيد، بحيث يقوِّم الصيد، ويشتري بثمنه طعامًا ويطعم به، لكل مسكين صاع (¬2).
ولا يشترط الإطعام في الحرم على الصحيح؛ لأن الإراقة لم تعقل قربة بنفسها، وإنما عرفت قربة بالشرع، والشرع ورد بها في مكان مخصوص أو زمان مخصوص، فيتبع مورد الشرع فيتقيد كونها قربة بالمكان الذي ورد الشرع بكونها قربة فيه وهو الحرم فأما الإطعام فيعقل قربة بنفسه؛ لأنه من باب الإحسان إلى المحتاجين فلا يتقيد كونه قربة بمكان، كما لا يتقيد بزمان، وتجوز فيه الإباحة والتمليك (¬3).
ثالثاً: الصيام:
إذا اختار الصيام يقيّم الصيد طعامًا ثم يصوم مكان كل مُدٍّ يومًا؛ لأن الله قال: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95]، على رأي المالكية والشافعية والحنابلة (¬4).
¬_________
(¬1) المحلى (5/ 241).
(¬2) المبسوط (4/ 85)، الشرح الكبير للدردير (2/ 84)، البيان والتحصيل (4/ 66)، الحاوي (4/ 299).
(¬3) بدائع الصنائع (2/ 200).
(¬4) المدونة (1/ 444)، البيان والتحصيل (4/ 66)، الأم (2/ 203)، الحاوي (4/ 299)، المغني (1/ 502)، المحلى (5/ 245). ويرى الأحناف أن يصوم مكان كل نصف صاع يومًا. المبسوط (4/ 85)، بدائع الصنائع (2/ 201).

الصفحة 161