كتاب الكفارات أحكام وضوابط

وقال الزركشي في قواعده: "هل تجب على الفور؟ -يعني الكفارة- إن لم يتعد بسببه فعلى التراخي وإلا فعلى الفور، وقال المتولي: إذا عصى بالحنث لم يبح له تأخير التكفير، وإن كان الحنث طاعة أو مباحاً فالأولى أن يبرئ الذمة، فلو أخر فلا حرج عليه" (¬1).
وسبب الخلاف هو قاعدة الأمر المطلق هل يحمل عل الفور أم على التراخي، والمسألة طويلة الخلاف والاحتجاجات، والردود، فتراجع في مظانها.
ويمكن أن يقال في المسألة السابقة:
الأصل أن يبادر المسلم إلى تنفيذ وامتثال أوامر الله تعالى، والوفاء بما عليه من الالتزامات والتكاليف الشرعية، والديون التي في الذمة، فإن هذه أقرب لتحقيق مقصود الشرع من تحقق المسارعة في الامتثال، ومواساة المحتاجين من الأمة، والتخفيف عنهم، وهو كذلك أبرأ للذمة، وأيسر على النفس في القيام بمقتضى الكفارات، فإن الإنسان إذا سوف وأخر الامتثال ربما تراكمت عليه، وقد ينسى بعضها، وقد يتعسر عليها الوفاء بها.
ولو أخرها الإنسان ثم أداها في وقت لاحق، فقد أدى ما عليه، ولا إثم عليه، إلا أنه فعل خلاف الأولى.

مسألة: حكم من أخر الكفارة حتى مات:
له حالتان:
الأولى: أن يكون معذوراً، فلم يتمكن من أدائها، فهذا لا شيء عليه، لأن الخطاب الشرعي تتحقق المؤاخذة عليه حال التمكن وعدم الامتثال.
¬_________
(¬1) المنثور في القواعد الفقهية (3/ 103).

الصفحة 179