كتاب الكفارات أحكام وضوابط

القول الثاني: أن الإيمان ليس شرطاً، ويجزئ إعتاق أي رقبة غير مؤمنة، وهو مذهب الحنفية، وابن حزم، ورواية لأحمد في الذمية خاصة (¬1).
وسبب اختلافهم هو: هل يحمل المطلق على المقيد في الأشياء التي تتفق في الأحكام وتختلف في الأسباب، كحكم حال هذه الكفارات مع كفارة الظهار؟ فمن قال: يحمل المطلق على المقيد في ذلك قال باشتراط الإيمان في ذلك، حملا على اشتراط ذلك في كفارة الظهار في قوله تعالى: {فتحرير رقبة مؤمنة} [النساء: 92]، ومن قال: لا يحمل وجب عنده أن يبقى موجب اللفظ على إطلاقه (¬2).
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1 ـ القياس على كفارة القتل، والجامع بينهما، أن الإعتاق يتضمن تفريغ العبد المسلم لعبادة ربه، وتكميل أحكامه وعبادته وجهاده، ومعونة المسلم، فناسب ذلك شرع إعتاقه في الكفارة، تحصيلا لهذه المصالح، والحكم مقرون بها في كفارة القتل المنصوص على الإيمان فيها، فيعلل بها، ويتعدى ذلك الحكم إلى كل تحرير في كفارة، فيختص بالمؤمنة، لاختصاصها بهذه الحكمة.
2 ـ حمل المطلق في كفارة اليمين {أو تحرير رقبة} على المقيد في كفارة القتل: {فتحرير رقبة مؤمنة}. كما قيد الشهادة بالعدالة كقوله: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} وأطلقها في قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ
¬_________
(¬1) المحلى (6/ 338)،
(¬2) بداية المجتهد (2/ 181).

الصفحة 61