كتاب تفسير العثيمين: الكهف

نبي وليس برسول، وقد أمره الله ونهاه، والأمر والنهي كلمات شرعية.

***

(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (الكهف: ١١٠)
قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ) يعني أعلن للملأ أنك لست ملكاً، وأنك من جنس البشر (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) وذِكر المثلية لتحقيق البشرية، أي: أنه بشر لا يتعدى البشرية، ولذلك كان - عليه الصلاة والسلام - يغضب كما يغضب الناس، وكان صلى الله عليه وسلم يمرض كما يمرض الناس، وكان يجوع كما يجوع الناس، وكان يعطش كما يعطش الناس، وكان يتوقى الحر كما يتوقاها الناس، وكان يتوقى سهام القتال كما يتوقاها الناس، وكان ينسى كما ينسى الناس، كل الطبيعة البشرية ثابتة للرسول - عليه الصلاة والسلام - وكان له ظِلٌ كما يكون للناس.

أمّا من زعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نُورَاني، ليس له ظل فهذا كذب بلا شك، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر له ظل ويستظل أيضاً، ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم ليس له ظل، لنقل هذا نقلاً متواتراً؛ لأنه من آيات الله عز وجل إذاً الرسول صلى الله عليه وسلم بشر مثل الناس، وهل يقدر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجلب للناس نفعاً أو ضراً؟
الجواب: لا، كما أمره الله عز وجل أن يقول: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً) (الجن: ٢١)، ومن العجب أن أقواماً لا يزالون موجودين، يتعلقون بالرسول صلى الله عليه وسلم أكثر مما يتعلقون بالله عز وجل إذا ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم اقشعرت جلودهم، وإذا ذكر الله

الصفحة 151