كتاب كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (اسم الجزء: 4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَمَالِ مُضَافًا إلَى الْجَمِيعِ فَيَسْتَوِي فِيهِ الرِّدْءُ وَالْمُبَاشِرُ وَلَمَّا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّ أَصْلَهُ قِصَاصٌ وَإِنَّ خِتَامَهُ حَدٌّ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُقْتَلَ إلَّا الْمُبَاشِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا أَيْ بَيَانُ مَا ذَكَرْنَا وَتَحْقِيقُهُ مِمَّا يَطُولُ بِهِ الْكِتَابُ قَوْلُهُ (وَهَذِهِ الْحُقُوقُ) أَيْ الْحُقُوقُ الْمَذْكُورَةُ كُلُّهَا تَنْقَسِمُ إلَى أَصْلٍ وَخَلَفٍ وَذَلِكَ أَيْ الِانْقِسَامُ إلَى الْأَصْلِ وَالْخَلَفِ فِي الْإِيمَانِ أَوَّلًا أَصْلُهُ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ، ثُمَّ صَارَ الْإِقْرَارُ بِنَفْسِهِ أَصْلًا مُسْتَبِدًّا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا خَلَفًا عَنْ التَّصْدِيقِ أَيْ عَنْ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ جَمِيعًا كَمَا قُلْنَا فِي الْمُكْرَهِ عَلَى الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ حَتَّى لَوْ رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ عِنْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ يَصِيرُ مُرْتَدًّا
، ثُمَّ صَارَ أَدَاءُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ ثَابِتًا فِي حَقِّ الصَّغِيرِ خَلَفًا عَنْ أَدَاءِ الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ وَقُصُورِ عَقْلِهِ وَكَذَلِكَ أَيْ وَكَمَا يَثْبُتُ الْإِيمَانُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ بِأَدَاءِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْمَعْتُوهِ وَالْمَجْنُونِ فَيُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَبَعًا لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ كَالصَّغِيرِ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ أَيْ أَدَاءُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ مَعَ أَدَاءِ الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ عَاقِلًا بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ فَإِنَّ أَدَاءَهُ بِنَفْسِهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ لِصُدُورِهِ لَا عَنْ عَقْلٍ بِخِلَافِ أَدَاءِ الصَّغِيرِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي أَنَّ الْمَعْتُوهَ كَالْمَجْنُونِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ أَدَائِهِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ كَالصَّبِيِّ دُونَ الْمَجْنُونِ إذْ هُوَ نَاقِصُ الْعَقْلِ دُونَ عَدِيمِ الْعَقْلِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَفَائِدَةُ اعْتِبَارِ أَدَاءِ الصَّبِيِّ بِنَفْسِهِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الصَّغِيرُ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ ارْتَدَّ الَّذِي أَسْلَمَ مِنْ أَبَوَيْهِ لَا يَصِيرُ الصَّبِيُّ مُرْتَدًّا بَلْ يَبْقَى مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ نَفْسِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ يَصِحّ وَإِنْ كَانَ أَبَوَاهُ كَافِرَيْنِ، ثُمَّ صَارَتْ تَبَعِيَّةُ أَهْلِ الدَّارِ وَالْغَانِمِينَ أَيْ أَدَاءُ الْغَانِمِينَ خَلَفًا عَنْ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ وَجَعَلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَبَعِيَّةَ الدَّارِ خَلَفًا عَنْ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ وَتَبَعِيَّةُ الْغَانِمِينَ خَلَفًا عَنْ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ فَقَالَ: ثُمَّ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ فِيمَنْ سَبَى صَغِيرًا وَأُخْرِجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَحْدَهُ خَلَفٌ عَنْ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ فِي ثُبُوتِ حُكْمِ الْإِيمَانِ لَهُ، ثُمَّ تَبَعِيَّةُ السَّابِي إذَا قُسِّمَ أَوْ بِيعَ مِنْ مُسْلِمٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ خَلَفٌ عَنْ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ فِي ثُبُوتِ حُكْمِ الْإِيمَانِ لَهُ حَتَّى إذَا مَاتَ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ خَلْفِيَّةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَيْسَ كَوْنَ تَبَعِيَّةِ الْغَانِمِينَ أَوْ الدَّارِ خَلَفًا عَنْ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ، ثُمَّ كَوْنُ تَبَعِيَّتِهِمَا خَلَفًا عَنْ أَدَاءِ الصَّغِيرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي حِينَئِذٍ إلَى أَنْ يَكُونَ لِلْخَلَفِ خَلَفٌ وَهُوَ فَاسِدٌ لِصَيْرُورَةِ شَيْءٍ وَاحِدٍ أَصْلًا وَخَلَفًا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ خَلَفٌ عَنْ أَدَاءِ الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ، وَلَكِنَّ الْبَعْضَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْبَعْضِ كَابْنِ الْمَيِّت خَلَفٌ عَنْهُ فِي الْمِيرَاثِ وَعِنْدَ عَدَمِهِ يَكُونُ ابْنُ الِابْنِ خَلَفًا عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ ابْنِهِ وَكَالْفِدْيَةِ فِي بَابِ الصَّوْمِ خَلَفٌ عَنْ الصَّوْمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْقَضَاءِ لَا أَنَّهَا خَلَفٌ عَنْ الْقَضَاءِ هَكَذَا قِيلَ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِي الْعُدُولِ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَجَعْلُ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ وَالْغَانِمِينَ خَلَفًا عَنْ أَدَاءِ الصَّغِيرِ دُونَ تَبَعِيَّةِ الْأَبَوَيْنِ إذْ لَا اسْتِحَالَةَ فِي أَنْ يَكُونَ لِلْخَلَفِ خَلَفٌ وَلَا فَسَادَ فِي أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ خَلَفًا مِنْ وَجْهٍ أَصْلًا مِنْ وَجْهٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعَ حَقِيقَةِ الْأَدَاءِ لَا يُعْتَبَرُ تَبَعِيَّةُ شَيْءٍ مَعَ تَبَعِيَّةِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ لَا يُعْتَبَرُ دَارُ الْإِسْلَامِ أَوْ السَّابِي حَتَّى لَوْ سُبِيَ الصَّبِيُّ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِالدُّخُولِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأَبَوَيْنِ أَقْوَى مِنْ تَبَعِيَّةِ الدَّارِ
وَمَعَ تَبَعِيَّةِ دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يُعْتَبَرُ تَبَعِيَّةُ السَّابِي حَتَّى لَوْ سَرَقَ ذِمِّيٌّ صَبِيًّا.

الصفحة 162