كتاب كشف الأسرار شرح أصول البزدوي (اسم الجزء: 4)

وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْعِلَلِ مِنْ النِّصَابِ.

وَكَذَلِكَ الْجُرْحُ عِلَّةٌ اسْمًا وَمَعْنًى لَكِنْ تَرَاخَى حُكْمُهُ إلَى وَصْفِ السِّرَايَةِ وَذَلِكَ قَائِمٌ بِالْجُرْحِ فَكَانَ عِلَّةً يُشْبِهُ الْأَسْبَابَ.

وَكَذَلِكَ مَا هُوَ عِلَّةُ الْعِلَّةِ فَإِنَّهُ عِلَّةٌ يُشْبِهُ الْأَسْبَابَ وَذَلِكَ مِثْلُ شِرَاءِ الْقَرِيبِ لَمَّا كَانَ عِلَّةً لِلْمِلْكِ كَانَ عِلَّةً لِلْعِتْقِ أَيْضًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQآخَرَ كَتَوَقُّفِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَى النَّمَاءِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْوَصْفُ مَعْدُومًا فِي الْحَالِ لَمْ يَثْبُتْ الْحَجْرُ بَاتًّا حَتَّى لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ جَمِيعَ مَالِهِ سَلَّمَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَمْ تَتِمَّ بِوَصْفِهَا فَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ تَمَّتْ الْعِلَّةُ وَاتَّصَفَ الْمَرَضُ بِكَوْنِهِ مَرَضًا مُمِيتًا مِنْ أَوَّلِ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَحْدُثُ بِآلَامٍ تَجْتَمِعُ وَعَوَارِضَ مُزِيلَةٍ لِقُوَى الْحَيَاةِ وَهَذِهِ الْعَوَارِضُ ثَابِتَةٌ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ فَيُضَافُ إلَيْهَا كُلِّهَا بِمَنْزِلَةِ جِرَاحٍ مُتَفَرِّقَةٍ سَرَتْ إلَى الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يُضَافُ إلَى الْكُلِّ دُونَ الْأَخِيرِ.
وَإِذَا اسْتَنَدَ الْوَصْفُ إلَى أَوَّلِ الْمَرَضِ اسْتَنَدَ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْحَجْرُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ تَصَرُّفٌ بَعْدَ الْحَجْرِ فَلَا يَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَإِذَا بَرَأَ مِنْ الْمَرَضِ كَانَ تَبَرُّعُهُ نَافِذًا؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَمْ تَتِمَّ بِصِفَتِهَا
وَهَذَا أَيْ الْمَرَضُ أَشْبَهُ بِالْعِلَلِ مِنْ النِّصَابِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ الَّذِي تَرَاخَى الْحُكْمُ إلَيْهِ وَهُوَ الْمَوْتُ حَادِثٌ بِهِ فَإِنَّ تَرَادُفَ الْآلَامِ الَّتِي تَحْدُثُ بِالْمَرَضِ مُفْضٍ إلَى الْمَوْتِ بِخِلَافِ النِّصَابِ فَإِنَّ الْوَصْفَ فِيهِ لَيْسَ بِحَادِثٍ بِهِ كَمَا بَيَّنَّا.

وَكَذَلِكَ أَيْ وَمِثْلُ الْمَرَضِ أَوْ النِّصَابِ الْجُرْحُ عِلَّةٌ لِلْهَلَاكِ اسْمًا؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ وَيُضَافُ الْهَلَاكُ إلَيْهِ يُقَالُ مَاتَ فُلَانٌ بِجَرْحِ فُلَانٍ وَمَعْنًى؛ لِأَنَّهُ مُؤَثِّرٌ فِيهِ وَلَكِنْ تَرَاخَى حُكْمُهُ عَنْهُ وَهُوَ الْهَلَاكُ إلَى وَصْفِ السِّرَايَةِ
وَذَلِكَ الْوَصْفُ قَائِمٌ بِالْجَرْحِ أَيْ ثَابِتٌ بِهِ كَثُبُوتِ الْمَوْتِ بِالْمَرَضِ لَا كَوَصْفِ النَّمَاءِ فِي النِّصَابِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ بِهِ فَكَانَ الْجَرْحُ قَبْلَ السِّرَايَةِ عِلَّةً تُشْبِهُ الْأَسْبَابَ لِتَوَقُّفِ حُكْمِهِ عَلَى الْوَصْفِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَذَلِكَ الْجَرْحُ عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الصَّيْدِ وَالْآدَمِيِّ بِصِفَةِ السِّرَايَةِ وَهِيَ صِفَةٌ مُنْتَظَرَةٌ فَكَانَ الْمَوْجُودُ قَبْلَ السِّرَايَةِ عِلَّةً تُشْبِهُ السَّبَبَ حَتَّى يَجُوزَ أَدَاءُ الْكَفَّارَةِ بِالْمَالِ وَالصَّوْمِ جَمِيعًا وَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ كَانَ الْمُؤَدَّى جَائِزًا عَنْ الْوَاجِبِ
قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَقُومُ بِالْمَوْصُوفِ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْمَوْصُوفِ أَحَدَ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ لِيَكُونَ سَبَبًا لَا عِلَّةً وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْوَصْفِ عِلَّةً مَعْنًى وَحُكْمًا بِمَنْزِلَةِ آخِرِ الْوَصْفَيْنِ وُجُودًا مِنْ عِلَّةٍ هِيَ ذَاتُ وَصْفَيْنِ فَلِذَا جَعَلْنَاهَا أَيْ النِّصَابَ وَالْمَرَضَ وَالْجَرْحَ عِلَّةً تُشْبِهُ السَّبَبَ.

قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ) أَيْ وَمِثْلُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ النِّصَابِ وَغَيْرِهِ مَا هُوَ عِلَّةُ الْعِلَّةِ فَإِنَّهُ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى مَا عِلَّةٌ تُشْبِهُ الْأَسْبَابَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْحُكْمِ لَمَّا كَانَتْ مُضَافَةً إلَى عِلَّةٍ أُخْرَى كَانَ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى الْأُولَى بِوَاسِطَةِ الثَّانِيَةِ كَحُكْمِ الْمُقْتَضِي مُضَافٌ إلَى الْمُقْتَضَى بِوَاسِطَةِ الْمُقْتَضِي وَكَانَتْ الْعِلَّةُ الْأُولَى بِمَنْزِلَةِ عِلَّةٍ تُوجِبُ الْحُكْمَ بِوَصْفٍ هُوَ قَائِمٌ بِالْعِلَّةِ فَكَمَا أَنَّ الْحُكْمَ هُنَاكَ يُضَافُ إلَى الْعِلَّةِ دُونَ الصِّفَةِ فَهَا هُنَا أَيْضًا يُضَافُ إلَى الْعِلَّةِ دُونَ الْوَاسِطَةِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّ الْعِلَّةَ الْأَخِيرَةَ بِحُكْمِهَا تُضَافُ إلَى الْأُولَى كَانَتْ الْأُولَى عِلَّةً وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تُوجِبُ الْحُكْمَ إلَّا بِوَاسِطَةٍ أَخَذَتْ شَبَهًا بِالسَّبَبِ
وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ الشَّيْخُ سَبَبًا فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ فِي بَابِ تَقْسِيمِ السَّبَبِ أَوْرَدَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِاعْتِبَارِ الشَّبَهَيْنِ وَذَلِكَ أَيْ مَا هُوَ عِلَّةُ الْعِلَّةِ مِثْلُ شِرَاءِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ عِلَّةٌ لِلتَّعْلِيقِ بِوَاسِطَةِ الْمِلْكِ إذْ الشِّرَاءُ يُوجِبُ الْمِلْكَ وَالْمِلْكُ فِي الْقَرِيبِ يُوجِبُ الْعِتْقَ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ»
فَيَصِيرُ الْعِتْقُ مُضَافًا إلَى الشِّرَاءِ لِكَوْنِ الْوَاسِطَةِ وَهِيَ الْمِلْكُ مِنْ مُوجِبَاتِهِ فَكَانَ شِرَاءُ الْقَرِيبِ إعْتَاقًا حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ نَاوِيًا عَنْ الْكَفَّارَةِ تَتَأَدَّى بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الْمَحْلُوفَ بِعِتْقِهِ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ حَيْثُ لَا يَتَأَدَّى بِهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ

الصفحة 195