كتاب القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

12 - قال تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)} (الأعراف).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «فَعَدَل سبحانه عن قوله (سَكَن) إلى قوله {سَكَتَ}؛ تنزيلًا للغضب منزلة السلطان الآمر الناهي، الذي يقول لصاحبه: افعل، لا تفعل. فهو مُسْتَجِيب لداعي الغضب الناطق فيه، المُتكلم على لسانه» (¬1).
13 - قال تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)} (التوبة).
قال ابن هبيرة - رحمه الله -: «إنما لم يقل: (ما كُتِب علينا)؛ لأنه أمر يتعلق بالمؤمن، ولا يصيب المؤمن شيء إلا وهو له؛ إن كان خيرًا فهو له في العاجل، وإن كان شرًّا فهو ثواب له في الآجل» (¬2).
14 - قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)} (يونس).
قال ابن رجب - رحمه الله -: «وأما الصبر فإنه ضِياء، والضِّياء: هو النور الذي يَحصُل فيه نوع حرارةٍ وإحراق كضياء الشمس، بِخلاف القمر، فإنه نورٌ مَحضٌ، فيه إشراقٌ بغير إحراقٍ؛ قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا}، ومِن هُنا وَصفَ اللهُ شريعةَ مُوسَى بأنها ضياء؛ كما قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)} (الأنبياء).
¬_________
(¬1) إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان (ص 34).
(¬2) ذيل طبقات الحنابلة (2/ 142).

الصفحة 140