كتاب القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

للأول، والاشتهاء للثاني؛ ولأن الاشتهاء أعلق بالطعام منه بالفواكه، فلذة كسر الشاهية بالطعام لذة زائدة على لذة حُسْن طعمه، وكثرة التَّخَيّر للفاكهة هي لذة تلوين الأصناف» (¬1).
22 - قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9)} (المنافقون).
«ومعنى {لَا تُلْهِكُمْ}: لا تَشْغلكم.
وقد تقول: لماذا لم يقل: (لا تشغلكم)؟ والجواب: أنَّ من الشُّغْل ما هو محمودٌ، فقد يكون شغلًا في حق، كما جاء في الحديث: «إن في الصلاة لشُغلًا» (¬2)، وكما قال تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} (يس: 55)، أما الإلهاء فمما لا خيرَ فيه، وهو مذمومٌ على وجه العموم، فاختار ما هو أحق بالنهي» (¬3).
23 - قال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)} (الإنسان).
قال الماوردي - رحمه الله -: «وجمع بين الشاكر والكفور، ولم يجمع بين الشكور والكفور -مع اجتماعهما في معنى المبالغة- نَفْيًا للمبالغة في الشكر وإثباتا لها في الكفر؛ لأن شكر الله تعالى لا يُؤَدَّى، فانتفت عنه المبالغة، ولم تَنْتَف عن الكفر المبالغة، فَقَلَّ شُكره؛ لكثرة النعم عليه، وكَثُر كفره - وإن قل - مع الإحسان إليه» (¬4).
¬_________
(¬1) التحرير والتنوير (27/ 295).
(¬2) أخرجه البخاري (1216).
(¬3) لمسات بيانية (178 - 179).
(¬4) النكت والعيون للماوردي (6/ 164).

الصفحة 144