كتاب القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

وقال بعد ذلك: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)} (البقرة).
ففي الآية الأولى قال: {فَلَا تَقْرَبُوهَا}، وفي الثانية قال: {فَلَا تَعْتَدُوهَا}، فما وجه ذلك؟
قال السيوطي - رحمه الله -: «لأنَّ الأولَى وردت بعد نَوَاهٍ فناسب النهي عن قُربانِها، والثانية بعد أوامر فناسب النهي عن تعدِّيها وتجاوزها بِأن يُوقَف عندها» (¬1).
قال ابن عثيمين - رحمه الله -: «قوله تعالى: {فَلَا تَعْتَدُوهَا}؛ أي: لا تتجاوزوها، وقال العلماء: إذا كانت الحدود مما يجب فعله قال تعالى: {فَلَا تَعْتَدُوهَا}؛ وأما إذا كانت الحدود من المحرمات فإنه تعالى يقول: {فَلَا تَقْرَبُوهَا}» (¬2).
3 - قال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)} (البقرة).
وقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)} (البقرة).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «تأمل كيف جَرَّد الخبر هنا عن الفاءِ فقال: {لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (البقرة: 262)، وقَرَنه بالفاءِ في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (البقرة: 274)،
¬_________
(¬1) الإتقان في علوم القرآن (3/ 394).
(¬2) تفسير القرآن الكريم (البقرة) للعثيمين (3/ 109).

الصفحة 146