كتاب القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

10 - عن عبد الله بن عمر أنه شرب ماء باردًا، فبكى واشتد بكاؤه، فقيل: ما يبكيك؟ فقال: ذكرت آية في كتاب الله وهي قوله: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} (سبأ: 54)، فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئًا، شهوتهم الماء البارد، وقد قال الله تعالى: {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} (الأعراف: 50) (¬1).
11 - وأُتي الحسن بكُوز من الماء؛ ليفطر عليه، فلما أدناه إلى فيه بكى، وقال: ذَكَرتُ أُمنية أهل النار وقولهم: {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} (الأعراف: 50)، وذكرت ما أُجيبوا به: {إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)} (الأعراف) (¬2).
12 - وعن إبراهيم النخعي قال: قَلّما قرأتُ هَذِهِ الآية إلا ذكرتُ بَرْدَ الشَّرَابِ، وقرأ: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} (سبأ: 54) (¬3).
13 - عن عبد الملك بن مروان، أنه شرب ماءً باردًا، فقطعه وبكى، فقيل: ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ ! قال: ذكرت العطش يوم القيامة، وذكرت أهل النار وما مُنعِوا من ماء بارد الشراب، ثم قرأ: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} (إبراهيم: 17) (¬4).
¬_________
(¬1) تاريخ دمشق لابن عساكر (53/ 211)، التخويف من النار لابن رجب (ص 158)، وبنحوه في التاريخ الكبير للبخاري (7/ 52 - 53).
(¬2) التخويف من النار لابن رجب (ص 158)، حلية الأولياء لأبي نعيم (6/ 189).
(¬3) مصنف ابن أبي شيبة (7/ 208).
(¬4) التخويف من النار لابن رجب (ص 158).

الصفحة 232