كتاب القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

14 - استقى محمد بن مصعب العابد (¬1) ماء، فسمع صوت البرادة فصاح، وقال لنفسه: من أين لك في النار برادة؟ ! ثم قرأ: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} (الكهف: 29) (¬2).
15 - أُتي عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - بعشائه وهو صائم، فقرأ: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13)} (المزمل)، فلم يزل يبكي حتى رُفِع طعامه، وما تعشى، وإنه لصائم (¬3).
16 - أمسى الحسن صائمًا فأُتي بعشائه، فَعَرَضَت له هذه الآية: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13)} فَقَلَصَت يَدُه، وقال: ارفعوه، فأصبح صائمًا، فلما أمسى، أُتي بإفطاره، فَعَرَضَتْ له الآية، فقيل له: يا أبا سعيد، تهلك وتضعف! ! فأصبح اليوم الثالث صائمًا، فذهب ابنه إلى يحيى البَكَّاء وثابت البُنَاني ويزيد الضَّبي، فقال: أَدْرِكُوا أبي، فإنه هالك، فلم يزالوا به، حتى سقوه شربة ماء من سويق (¬4).
¬_________
(¬1) هو: محمد بن مصعب أبو جعفر الدَّعَّاء، العابد، وكان أحمد بن حنبل يثني عليه ويقول: كان رجلا صالحًا. توفي ببغداد في ذي القعدة سنة: 228 هـ. انظر: طبقات الحنابلة (1/ 320).
(¬2) التخويف من النار لابن رجب (ص 159).
(¬3) السابق (ص 155).
(¬4) رواه أحمد في الزهد (1640). وانظر: التخويف من النار لابن رجب (ص 156).

الصفحة 233