قال الشنقيطي - رحمه الله -: «قوله في (الأنبياء): {وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}، مع قوله في (ص): {وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ}؛ فيه الدلالة الواضحة على أن أصحاب العقول السليمة من شوائب الاختلال، هم الذين يعبدون الله وحده ويطيعونه. وهذا يؤيد قول من قال من أهل العلم: إن من أوصى بشيء من ماله لأعقل الناس؛ أن تلك الوصية تُصْرَف لأتقى الناس وأشدهم طاعة لله تعالى؛ لأنهم هم أولو الألباب؛ أي: العقول الصحيحة السالمة من الاختلال» (¬1).
5 - قال تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (الحديد: 10)، وقال - عز وجل -: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} (الأنبياء: 101).
قال ابن حزم - رحمه الله -: «فجاء النص أن من صَحِبَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد وعده الله تعالى الحسنى، وقد نص الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (آل عمران: 9)» (¬2).
6 - قال الإمام سفيان بن عيينة - رحمه الله -: «إني قرأت القرآن، فوجدت صفة سليمان - عليه السلام - مع العافية التي كان فيها: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (ص: 30)، ووجدت صفة أيوب - عليه السلام - مع البلاء الذي كان فيه: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (ص: 44)، فاستوت الصفتان؛ وهذا مُعَافى، وهذا مُبتلى، فوجدت الشكر قد قام مقام الصبر، فلما اعتدلا كانت العافية مع الشكر أحبَّ إلي من البلاء مع الصبر» (¬3).
¬_________
(¬1) أضواء البيان (4/ 849)، وانظر نحوه: في تفسير النيسابوري (5/ 603).
(¬2) المحلى (1/ 44).
(¬3) تهذيب الكمال (11/ 193).