كتاب القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

2 - (سورتا: الفيل وقريش):
قال السيوطي - رحمه الله -: «والمعنى أن الله أهلك أصحاب الفيل لإيلاف قريش» (¬1).
وقيل: «حَبَسْنَا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله؛ {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}؛ أي: لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين» (¬2).
وقيل: «كأنه قال سبحانه: أهلكتُ أصحاب الفيل لأجل تَأَلُّف قريش» (¬3).
قال الفراء (¬4): «هذه السورة متصلة بالسورة الأولى؛ لأنه ذكر سبحانه أهل مكة بعظيم نعمته عليهم فيما فعل بالحبشة، ثم قال: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}؛ أي: فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش، وذلك أن قريشًا كانت تخرج في تجارتها فلا يُغَار عليها في الجاهلية، يقولون: هم أهل بيت الله - عز وجل -، حتى جاء صاحب الفيل ليهدم الكعبة ويأخذ حجارتها فيبني بها بيتًا في اليمن يحج الناس إليه، فأهلكهم الله - عز وجل -، فَذَكَّرَهم نعمته؛ أي: فعل ذلك لإيلاف قريش؛ أي: ليألفوا الخروج ولا يُجترأ عليهم»، وذكر نحو هذا ابن قتيبة.
قال الزجاج: «والمعنى: فجعلهم كعصف مأكول لإلف قريش؛ أي: أهلك الله أصحاب الفيل؛ لتبقى قريش وما قد ألفوا من رحلة الشتاء والصيف» (¬5).
وقال في الكشاف: «إن اللام متعلق بقوله: {فَلْيَعْبُدُوا} أمرهم أن يعبدوه؛ لأجل إيلافهم الرحلتين» (¬6).
¬_________
(¬1) معترك الأقران (3/ 367)، وانظر: البرهان في تناسب سور القرآن (ص 218)، نظم الدرر (22/ 259 - 260).
(¬2) تفسير ابن كثير (8/ 491).
(¬3) فتح القدير للشوكاني (5/ 608).
(¬4) انظر: معاني القرآن للفراء (3/ 293).
(¬5) معاني القرآن للزجاج (5/ 365).
(¬6) الكشاف (4/ 800) بتصرف يسير.

الصفحة 96