كتاب البدء والتاريخ (اسم الجزء: 4)
للضد كالآلة المهيأة لإصلاح شيء لا تصلح لفساده قيل أهو جعل نفسه كذلك أم جعل فإن زعم أنه جعل نفسه كذلك فقد وصفه بالقدرة والعلم والإرادة والاختيار وعاد إلى تصحيح قوله أن العقل هو الباري وإن زعم أنه جعل كذلك فقد أقر بصانع له وبطل قوله وإن أنكر العقل خرج من جملة أهل الخطاب والتمييز ووجب تقويمه فيما يقوم به البهائم الصامتة وإن أنكر النظر دخل في مذهب السوفسطائية وكيف ما دار اتجهت عليه حجة الله الدامغة واضطرته إلى الإقرار به بقول الله عز وجل فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ 6: 149 ويقول أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً 75: 36 وقال تعالى أَمْ خُلِقُوا من غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ 52: 35 وقال تعالى من يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ به 4: 123 وقال جَزاءً وِفاقاً 78: 26 وأصل التعطيل إنكار الخالق والرسول والثواب والعقاب اعتقادا لا إقرارا منهم اختاروا في دفع عادية الناس عنهم فاثبتوا الثواب والعقاب التناسخ في السعادة والشقاوة اللتين عندهم الجنة والنار في هذا العالم إذ لا دار عندهم غيرها ولا هي فانية ولا منقضية ويدلك على موضع تمويههم في هذا الناموس أنهم إذا لم يكن لهم خالق قديم ولا صانع مدبر حكيم فمن الذي ينسخ نفوسهم وأرواحهم
الصفحة 5
252