كتاب البدء والتاريخ (اسم الجزء: 4)
ويسعد المحسن ويشقي المسيء منهم وقط ما انتشروا في أمّة من الأمم ولا أقرّوا في وقت من الأوقات انتشارهم في هذه الأمة لاعطائهم الإقرار بالديانة ظاهرا وحقن الشريعة دم من أجاب إليها وهم هؤلاء الباطنيّة الباطليّة الذين تخلّعوا عن الأديان وأمرجوا نفوسهم في ميادين الشهوات فمطوا عند الظلمة بترخيصهم لهم في ارتكاب ما يهوون وتهوينهم عليهم عواقب ما يحذرون حتى ترى المظالم قد فشت والقلوب قد قست والمنكرات ظهرت والفواحش كثرت وارتفعت الأمانة وغلبت الخيانة وعطلت المروءة واستخف بالربانيين واهتضم المستضعفون وأميت العدل وأحيي الجور فظهر ما لم يذكر في عهد ملك من الملوك في قديم الدهر وحديثه ولا في زمن نبي من الأنبياء عم ولولا فضل الله عز وجل على هذه الفرقة المسترذلة المحقورة ببقايا من العوامّ متمسّكين بأديانهم لاصطلمهم أشكالهم وأشباههم واجتاحهم أولياءهم وأصحابهم الذين وقفوا على غور كلامهم وأحاطوا بحقيقة مذهبهم ولا بد أنه تارك بهم ما يقدرونه في غيرهم لوعد الله تبارك وتعالى وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ 6: 129 وأنا واصف بعض مذاهبهم وواكل بعده
الصفحة 6
252